إمكانية السلام في المشروع الصهيوني

إمكانية السلام في المشروع الصهيوني 
الدكتور جبر الهلّول
إن المشروع الصهيوني الذي ترتكز قاعدته في فلسطين، والذي يسعى بُناته الصهاينة اليهود في العصر الحاضر جيلًا بعد جيل في ترسيخ قواعده وتقوية أسسه لكي يصبح أكثر قدرة على التوسع والامتداد والتأثير فكريًا وماديًا وذلك ببناء إسرائيل الكبرى، كما يسعى بناته لأن يكون أكبر وأعظم مشروع للهيمنة والسيطرة على المنطقة بكاملها في مرحلة من مراحله وذلك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والاجتماعية والإعلامية وغيرها، ولبناء إسرائيل العظمى، لا نبالغ إذا قلنا أن لهم أحلامًا تراودهم بأن يسيطروا على العالم أجمع ويصبح خاضعًا لقيادتهم وذلك في نهاية المرحلة الأخيرة من بناء هذا المشروع!! كيف لا يحلمون ومشروعهم هذا ليس مشروعًا سياسيًا فحسب ينتهي عندما تتحقق أطماعهم الاستعمارية، وإنما هو مشروع عقدي، وبما أن الأمر أمر عقيدة فإنها لا تنتهي إلا بانتهاء معتنقيها، ومن هنا يمكن القول: إن صراعنا مع هذا المشروع ليس بالصراع القصير الأجل فقد يخبو الصراع حينًا نتيجة اتفاقيات ومعاهدات أو ظروف معينة إلا أن ناره لن تنطفئ إلا بانتهاء أحد الطرفين. ونحن نعتقد بأن اليهود هم الذين سينتهي أمرهم وشأنهم على أيدي المسلمين، حيث قال الله تعالى: ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين ولتعلن علوًا كبيرًا، فإذا جاء وعدُ أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولًا، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرًا، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرًا، عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرًا([1]).
وعن تلك النهاية المخزية لليهود أخبرنا النبي r، عن أبي هريرة t قال: عن رسول الله r قال:«لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله»([2]). وفي رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله r قال: «تُقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله»([3]).
وكذلك اليهود يعتقدون أنهم سيخوضون معركة فاصلة نتيجة تعرض «الدولة اليهودية إلى هجوم من غير المؤمنين، خصوصًا من المسلمين والملحدين ثم تقع مجزرة كبيرة تدعى "هرمجدُّون"، نسبة إلى اسم سهل "مجدُّو" الذي يقع بين الجليل والضفة العربية. في هذه المجزرة تستعمل أسلحة مدمرة كيماوية ونووية، يقتل فيها مئات الآلاف من المهاجمين، ومن اليهود معًا, بعد ذلك يظهر المسيح فوق أرض المعركة ليخلص بالجسد المؤمنين، فيرفعهم إليه فوق سُحُب المعركة حيث يشاهدون بأم أعينهم جثث القتلى والدمار والخراب على الأرض قبل أن ينزل المسيح إلى الأرض ويحكم العالم مدة ألف سنة»([4]) وجاء في كتابهم: « 21وقُلْ لهُم: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ: سآخُذُ بَني إِسرائيلَ مِنْ بَينِ الأمَمِ الذينَ ذهبوا إليهِم، وأجمعُهُم مِنْ كُلِّ جهةٍ وأجيءُ بهِم إلى أرضِهِم، 22وأجعَلُهُم شعبًا واحدًا في الأرضِ، في جبالِ إِسرائيلَ، وأُقيمُ علَيهِم مَلِكًا واحدًا، ولا يكونونَ مِنْ بَعدُ شعبَينِ ولا يَحكُمُهما مَلِكانِ، 23ولا يتنجسونَ مِنْ بَعدُ بأصنامِهِمِ الرَّجسَةِ وجميعِ معاصيهِم، وأُخلِّصهُمُ مِنْ جميعِ معاصيهِمِ التي بِها خطِئوا إليَّ وأُطهِّرُهُم فيكونونَ لي شعبًا وأكونُ لهُم إلهًا. 24ورجلٌ كعبدي داوُدَ يكونُ مَلِكًا علَيهِم، وراعِ واحدٌ يكونُ لهُم جميعًا، ويسلُكونَ في أحكامي ويحفظونَ فرائضي ويعمَلونَ بِها. 25والأرضُ التي أعطيتُها لعبدي يَعقوبَ وسكنَ فيها آباؤُهُم يسكُنونَ فيها هُم وبَنوهُم وبَنو بَنيهِم إلى الأبدِ، ومَلكٌ كعبدي داوُدَ يكونُ رئيسًا لهُم مَدى الدَّهرِ. 26وأعاهِدُهُم عَهدَ سلامِ أبديٍّ يكونُ معَهُم. وأُثبِّتُهُم وأُكثِّرُهُم وأجعَلُ هَيكلي في وسَطِهِم إلى الأبدِ، 27ويكونُ مَسكَني معَهُم وأكونُ إلهَهُم ويكونونَ لي شعبًا. 28فتَعلمُ الأمَمُ أنِّي أنا هوَ الرّبُّ الذي يُقدِّسُ إِسرائيلَ حينَ يكونُ هَيكلي في وسَطِهِم إلى الأبدِ».»([5]). وورد أيضًا في نفس السفر: « 17وقالَ ليَ السَّيِّدُ الرّبُّ: «وأنتَ يا اَبنَ البشَرِ قُلْ للطُّيورِ مِنْ كُلِّ نوعِ ولجميعِ وُحوشِ البرِّيَّةِ: اِجتمعي وتعالَي اَحتشدي مِنْ كُلِّ جهةٍ إلى ذبيحتي التي أذبحُها لكِ، وهيَ ذبيحةٌ عظيمةٌ على جبالِ إِسرائيلَ، فتأكُلينَ لَحمًا وتشربينَ دَمًا. 18تأكُلينَ لَحمَ الجبابِرةِ وتشربينَ دَمَ رؤساءِ الأرضِ وهوَ كدمِ الكِباشِ والحُملانِ والتُّيوسِ والعُجولِ مِنْ مُسمّناتِ أرضِ باشانَ. 19وتأكُلينَ شحْمًا فتَشبعينَ وتشربينَ دَمًا فتسكَرينَ مِنْ ذبيحتي التي ذَبحتُها لكِ. 20وتشبعينَ على مائدتي مِنَ الخيلِ وراكبيها والجبابِرةِ وكُلِّ مُقاتلٍ، يقولُ السَّيِّدُ الرّبُّ. 21فأُظهِر مَجدي في الأمَمِ ويَرى جميعُ الأمَمِ عقابي الذي أنزلْتُهُ بِهِم ويَدي التي مدَدتُها علَيهِم. 22ويَعلمُ شعبُ إِسرائيلَ مِنَ اليومِ أنِّي أنا هوَ السَّيِّدُ الرّبُّ..» ([6]).
أعتقد من خلال هاتين النظريتين المستقبليتين المتناقضتين يمكننا إدراك طبيعة السلام المطروح اليوم ومصيره مستقبلًا، وخطورة المشروع الصهيوني وحتمية المواجهة معه عاجلًا وآجلًا. وصدق الله العظيم: ﴿َلَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ([7]).
من هنا لا بد من دراسة إمكانية السلام مع اليهود من أجل الإعداد للمرحلة المقبلة التي تشكل مرحلة حاسمة في بناء المشروع الصهيوني، وبخاصة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية وسيطرة منطق القوة التي تحرك قوى الاستعمار الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد المنطقة الإسلامية على وجه التحديد.
- إمكانية السلام مع اليهود:
إن إمكانية السلام مع اليهود، من خلال دراسة الفكر الديني اليهودي والفكر السياسي الصهيوني، ومن خلال الفكر الديني الإسلامي، ومن خلال الواقع والأحداث التي تجري في المنطقة، أمر مستحيل، وهذه الاستحالة تعني بشكل عام:
1- أن جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت بين الجانب اليهودي وحكومات بعض الدول العربية والتي ستوقع مستقبلًا لا قيمة لها، فالجانب اليهودي يراها مرحلة من مراحل بناء مشروعه ولذا لا يلتزم بها إلا بقدر خدمتها لهذا المشروع. أما بالنسبة للمسلمين فإنهم يرونها باطلة وغير ملزمة لأنها إقرار للغاصب واعتراف له بسلب المسلمين حقوقهم.
2- أن جميع المفاوضات الجارية بين الطرف الإسرائيلي, والأطراف العربية هي مفاوضات غير متكافئة فهي بين ظالمين ومظلومين، وبين منتصرين ومهزومين، حيث يسعى اليهود من خلالها لتثبيت وترسيخ انتصارهم وجني أكبر قدر ممكن من الغنائم التي تقوي مشروعهم وتجعله في موقع القيادة في المنطقة، بينما يرى المسلمون أن ذلك استسلام غير جائز شرعًا. ومن هنا سيسعى المنتصر للمحافظة على انتصاره بممارسة جميع الأساليب التي تجعل الطرف المهزوم مسحوقًا ضعيفًا غير قادر على المجابهة مرة ثانية وسيسعى الضعيف المظلوم بكل جهده إلى امتلاك مقومات الدفاع لاسترداد ما سلب منه في يوم ما، وبالتالي يبقى الصراع مستمرًا في كلا الحالتين. ويمكن أن يكون «هناك جانب من ثقافة السلام قد يكون له تأثير على المجتمع الإسرائيلي وهو حدوث تغير في الخطاب الإسرائيلي وتغير في العقلية أو الذهنية الإسرائيلية بالتخلي عن لغة الصراع وثقافته والتحول إلى لغة السلام وثقافته. فالحياة الإسرائيلية قامت على أساس من أيديولوجية القوة والعنف التي زرعتها الصهيونية في النفس اليهودية، وجعلتها استراتيجية عامة للدولة اليهودية. فالتحول من ثقافة الصراع إلى ثقافة السلام هو بمثابة تغيير جذري في طبيعة الشخصية الإسرائيلية. ولذلك فإن إسرائيل ستأخذ بالشكل الخارجي لثقافة السلام وستحافظ في الباطن على قيمة الصراع وهي قيمة موروثة من التراث اليهودي من ناحية، ومن الحضارة الغربية من ناحية أخرى والتخلص منها بمثابة تخلص من أصل من أصول الثقافة الإسرائيلية المعاصرة. ولذلك فالسلام لن يضع نهاية للصراع ولكن سيؤدي إلى تغيير في الأدوات والوسائل المستخدمة في الصراع حيث يأخذ الاقتصاد والثقافة الدور الأول، ويأتي الصرع على المستوى الثقافي والاقتصادي في المقدمة ويتأخر الصراع على المستوى السياسي والعسكري. وهو يتأخر شكلًا لا موضوعًا لأن إسرائيل لن تتهاون أبدًا في مسألة تفوقها السياسي والعسكري وحرصها على أن يكون ميزان القوى لصالحها»([8]). وبالمقابل قد يكون هناك جانب من ثقافة السلام له تأثيره على المجتمع المسلم نتيجة خضوع كثير من حكام العرب والمسلمين لشروط اليهود والقوى الخارجية المعادية للإسلام، فيفرز دعاة استسلام وتطبيع مع اليهود ويكونون معاول هدم في جسم الأمة وأدوات تخذيل في مقاومة المشروع الصهيوني إلا أن ذلك لا يعتبر تحولًا في الثقافة الإسلامية والمجتمع المسلم لأن مصادر الإسلام ثابتة لا تخضع للتغيير والتحريف وسيتربى عليها المسلمون جيلًا بعد جيل ويبقى القرآن الكريم دستورهم الذي يتلون فيه إلى قيام الساعة قوله تعالى: ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود﴾. ويبقى حكم الإسلام الجهاد ضد العدو الذي يطأ ديار المسلمين فرض عين إلى قيام الساعة مترسخًا في نفوسهم لا يلغيه اتفاق استسلام ولا تعطله مهادنة ولا يثنيه تواطؤ الحكام وتخاذلهم عن نصرة الإسلام والمسلمين. ولذلك فالسلام لن يضع نهاية للصراع مع اليهود الذين اغتصبوا فلسطين واعتدوا على المسلمين وانتهكوا جميع مقدساتهم فيها.
3- إن جميع محاولات التطبيع التي تفرض في اتفاقيات التسوية هي محاولات يائسة وإن حققت نجاحات محدودة. وذلك للأسباب السالفة الذكر.
4- إن استحالة السلام يعني استمرار الحرب. وهذا يؤكده الفكر الديني اليهودي والفكر الصهيوني السياسي المعاصر، ويقابله في الإسلام الجهاد في سبيل الله لقوله r: «الجهاد ماضٍ منذ بعثني الله تعالى إلى أن يقاتل آخر عصابة من أمتي الدجال»([9]). ولقوله r: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي وجُعل الذلة والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم»([10]).
أما استحالة السلام بشكل خاص فإنها تتعلق باليهود وحدهم من دون البشر جميعًا سواء أكانوا معتدين أم لا. ولا علاقة للطرف المقابل ولا أهمية لموافقته على السلام أو رفضه. ومن هنا فإن استحالة السلام تعني:
1- أن اليهودية عقيدة تربي أبناءها على صفات التفرّد والتميز، بحيث تلغي الطرف الآخر ولا تُبقي له حرمةً أو حقًا يمكن أن يطالب به. فالإلـه لهم وحدهم وهو معهم دائمًا ويصنع المعجزات لإرضائهم!!. والبشرية حكر عليهم حيث لا يدانيهم غيرهم إلا بالشكل أما الأرض فهي ملك لهم بما في بطنها وما على ظهرها وما يحيط بها!!. ومن هنا بأي صورة يمكن أن يأتي السلام بين طرف هو جزء من "العزة الإلـهية"، والطرف الآخر منشؤه طينة حيوانية، والطرف الأولى يعتقد أنه يمتلك كل شيء ولا حق لغيره في أن يمتلك شيئًا سوى التسخير والخدمة لذلك "الشعب المختار"؟! وقد جاء في توراتهم: « 22فأنتُم إنْ حَفِظتُم جميعَ هذِهِ الوصايا التي أنا آمُرُكُم بِها وعَمِلتُم بِها، فأحبَبتُمُ الرّبَّ إلهَكُم وسلَكتُم في طُرُقِهِ كُلِّها وتمسَّكتُم بهِ 23يطرُدُ الرّبُّ جميعَ هؤلاءِ الشُّعوبِ مِنْ أمامِكُم، فتَرِثونَ شُعوبًا أكثرَ وأعظمَ مِنكُم. 24كُلُّ موضِعِ تدوسُهُ أخامِصُ أقدامِكُم يكونُ لكُم، مِنَ البَرِّيَّةِ جنوبًا إلى لبنانَ شمالاً، ومِنْ نهرِ الفُراتِ شرقًا إلى البحرِ غربًا. 25لا يَقِفُ إنسانٌ في وُجوهِكُم، لأنَّ الرّبَّ إلهَكُم يُلقي الرُّعبَ والخوفَ مِنكُم على كُلِّ الأرضِ التي تدوسونَها كما وعَدَكُم. »([11]).
2- أنه طالما المشروع اليهودي قائمًا على أسس دينية فلا يمكن التراجع عنه اختيارًا أو بسهولة. وبما أنه لم يكتمل بعد فإن جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت والتي ستوقع مستقبلًا لا قيمة لها في الفكر الديني اليهودي، فهي منقوصة أصلًا لأنه محرَّم على اليهودي أن يقطع عهدًا مع سكان الأرض، ولو فعل ذلك فإنه من باب المخادعة والمكر ليس إلاّ، ويتحتم عليه أن ينقض هذا العهد سريعًا حتى لا يغضب عليه إلـهه!!، استنادًا إلى ما جاء في توراتهم: «وصَعِدَ ملاكُ الرّبٌ مِنَ الجِلجالِ إلى بوكيمَ وقالَ لِبَني إِسرائيلَ: «أخرَجتُكُم مِنْ مِصْرَ وأدخَلتُكُمُ الأرضَ الـتي أقسَمْتُ علَيها لآبائِكُم، وقُلتُ إنِّي لا أنقُضُ عَهدي معَكُم إلى الأبدِ 2شَرطَ أنْ لا تُعاهِدوا أهلَ هذِهِ الأرضِ وأنْ تَهدِموا مذابِحَهُم، فما سَمِعتُم لِقولي. فماذا فعَلتُم؟»([12]). ولذلك يقول الحاخام الأكبر في القدس: «لا يملك أحد من اليهود حق تسليم ذرة واحدة من هذه الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران، إلا إذا كان كافرًا»([13]). وقال أحد حاخامات إسرائيل  في صيف عام 1967: «إن من الخطيئة والجرم تسليم أراضي إسرائيل تراث آبائنا للأغراب، وإن من يفكر بتسليم أرض إسرائيل للأغراب يفتقر إلى الإيمان، لأن التوراة قضت على عدم تسليم أراضينا للأغراب إلى الأبد، ولهذا يجب على كل وزير في حكومة إسرائيل وكل عسكري أن يمنع ذلك بكل جرأة وقوة، وسوف يجد العون من السماء، إن من يرتكب مثل هذا العمل اللاقانوني إنما ينتهك تعاليم التوراة، ويلحق الضرر بأمن إسرائيل»([14]).
وفي المؤتمر الأول لخريجي المدارس الدينية الذي عقد في أواخر صيف عام 1967 في مؤسسة (الحاخام هرتزوغ) في القدس، حول (وجوب تحرير أرض إسرائيل الكاملة)!. وجه المشتركون الشباب إلى (فئات) الحاخامين في جميع أرجاء إسرائيل. ثلاثة أسئلة، صيغت بشكل يوحي بالإجابات المرادة وهذه الأسئلة:
س 1: هل يسمح حسب تعاليم التوراة بالتخلي عن مناطق محررة من (أرض إسرائيل)؟!.
س 2: هل يسمح بالتخلي عن مناطق خوفًا من استيعاب عدد كبير من العرب داخل حدودنا؟!.
س 3: هل يجب أن يرغمنا الضغط الدولي على الانسحاب؟!
وقد جاءت إجابات مئات الحاخامات اليهود: «إن من يفكر بإعادة أراضي إسرائيل للأجانب يخالف مبادئ الديانة اليهودية، وإن من يخاف الأقلية العربية فإنه كمن ينتهك حرمة يوم السبت، وإن ثقته بالله ضعيفة للغاية»؟!
وأجاب حاخام آخر: «إن العرب المقيمين في البلاد يحتلون جزءًا من بلادنا خلافًا لتعاليم التوراة، وهم غرباء، ويجب عدم توقيع أي تحالف معهم، لأننا مطالبون باحتلال البلاد واستيطانها».
وأجاب حاخام بقوله: «إن محاربة العرب مثلها كالحرب المقدسة...» ([15]).
3- أن ما ينادي به القادة اليهود من إظهار رغبتهم في السلام هو ادعاء مزيف مخادع لأن السلام الذي يفهمونه يختلف تمامًا عن السلام الحقيقي الذي تعارف عليه البشر. السلام عندهم يأتي حسب رؤيا الخلاص اليهودي عندما يبلغ اليهود أوج قوتهم، ويفرضون سيطرتهم على كامل "أرض الميعاد" وتخضع لهم شعوب الأرض، وتصعد إليهم للاحتكام إلى قوانينهم ومبادئهم، عندئذ لا يجرؤ أحد أن يرفع سيفًا في وجه "إسرائيل" بل إنهم يحولونها إلى مناجل.. ويعملون لخدمتها عندئذ يكون السلام الذي يحلم به اليهود. وهذا السلام وفق المفهوم اليهودي لم يأت وقته بعد – ولن يأتي بإذن الله تعالى – وبالتالي ما يطرحونه اليوم من رغبتهم في السلام هو كذب ومناورة على طريق السلام الذي يريدون الوصل إليه. وهذا الأمر ليس بخاف على كثير من قادة العرب والمسلمين الذين يفاوضون اليهود أملًا بالوصول إلى السلام، وقد عبر عن ذلك الرئيس الراحل حافظ الأسد بقوله: «وإذا كنا نرحب بكل مسعى في سبيل السلام العادل([16]) فإننا لا نخدع أنفسنا ونحن نسمع كل يوم ما يقوله زعماء إسرائيل ونرى ما تفعله إسرائيل. مما يؤكد أنها لا تريد السلام بل هي عدوة السلام العادل، لأنها لا ترى فيه مصلحتها. إسرائيل اغتصبت فلسطين، وتريد أن تحتل أوسع أجزاء من الوطن العربي ليتم لها تحقيق هدف إسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات.
إن هذه الحقيقة يجب أن تبقى ماثلة في أذهاننا دون أن تنسينا إياها بعض ادعاءات إسرائيل الكاذبة عن الرغبة في السلام. وعندما تجامل "إسرائيل" لتضليل الرأي العام العالمي فإنها تناور، وفي ذهن زعمائها، هدف عقائدي مقدس بالنسبة لهم، ومادام الأمر عقيدة فالإسرائيليون يعملون ما يستطيعون لتحقيق عقيدتهم هذه في مدة تقصر أو تطول حسب الظروف ولكنهم لا يتنازلون عن عقيدتهم»!!([17]).
إن استحالة السلام هذه تأتي من العقيدة اليهودية وهي من موقف القوة. لكن هناك من اليهودي من يرى أن هذه العقيدة اليهودية ومن خلال المشروع الصهيوني المطروح لن تحدث حالة سلام نهائية بين العرب واليهود، وذلك من موقع الضعف وبالتالي هناك نظرة تشاؤمية بالنسبة لمستقبل اليهود ومشروعهم القائم في فلسطين!! فمثلًا "ناحوم جولدمان" يتساءل: «... ما هو مستقبل الشعب اليهودي كما يعني إليكم وسط المتغيرات الحاصلة حولنا؟» -ويعني مشاريع التسوية-. ويجيب "جولدمان" على تساؤله فيقول: «إنني أميل دائمًا – ولأسباب تتعلق بالإيمان والعقيدة التي لا تتزعزع- إلى أن أكون متفائلًا في نزعتي، إلا أن هناك أشياء تشاؤمية لا يمكن بأي حال من الأحوال اجتثاثها. إن مصير اليهود بات واضحًا ومحددًا، فعلى الرغم من حصول اليهود كأقليات دينية على حق المساواة، وأنهم حققوا تقريبًا مستوى لم يبلغه غيرهم في حقل الاقتصاد والسياسة والثقافة. وعلى الرغم من أن دولة إسرائيل موجودة، وقائمة، فإنهم معرضون للخطر بقدر لم يشهدوه من قبل والسبب في ذلك يعود أول ما يعود إلى الجبهة الداخلية وإلى إسرائيل... والتركيز الذي يحدث بتجميع ملايين اليهود في دولة خاصة بهم تقع تحت تهديد "المارد العربي"، كل هذه يجعل التشخيص للحالة بأكملها أكثر تشاؤمًا في الوقت الحالي منه في أي وقت سابق، وهذه النظرة المتشائمة تعتمد على فكرة أنه لن تحدث حالة سلام نهائية بين اليهود وبين العالم العربي وذلك لسببين:
الأول: تقوم إسرائيل بتعبئة وتركيز قدراتها العسكرية والمالية والاقتصادية والاجتماعية –بل والروحية أيضًا- على مجال الدفاع لكي تظل أقوى من العرب. وهو أمر لا أعتقد شخصيًا أنه ممكن على المدى الطويل، فإن الدوافع إلى هذه الضرورة المطلقة التي تتوقف عليها حياة أو موت إسرائيل...
الثاني: أنه لن يكون في وسع الصهيونية أن تحقق واجبها الأساسي لتتحول من مجرد دولة مستقلة إلى مركز ديني للشعب اليهودي في العالم كله، لكي تتمكن غالبية الجيل الجديد من اكتساب الجنسية اليهودية، ضمانًا لتحقيق تضامن... الأقليات الدينية اليهودية المبعثرة في العالم مع إسرائيل نظرًا لأن إسرائيل معدة إعدادًا يقوم كلية على الدفاع. فإنها لا تستطيع كدولة أن تصبح منهلًا لدفاعات جديدة. وهذا سوف يتحول إلى إضعاف للموقف الروحي اليهودي بين صفوف الأقليات اليهودية [في] العالم. وعلى العكس من ذلك فإن أية أقلية دينية صغيرة يمكن أن تصبح أكثر تعصبًا وتصلبًا ضد الأمر الواقع اليهودي، وضد دولة إسرائيل نفسها»([18]).
4- إن استحالة السلام تعني أن استراتيجية المشروع الصهيوني لا تلتقي في أي حال مع مفهوم السلام. لذا يمكننا القول: إن «إسرائيل لا تستطيع أبدًا أن تعيش بهدوء ضمن حدودها الحالية لاعتبارات تتعلق أولًا بإيمانها الأساسي العقدي بإقامة دولة تشمل حدودًا أوسع من حدودها الحالية، وثانيًا بسياستها الساعية لتنمية الهجرة واستيعاب أغلبية يهود العالم، وثالثًا بأوضاعها الاقتصادية المتردية، ورابعًا بكونها مخلبًا للاستعمار في المنطقة يسعى باستمرار لإبقاء المنطقة في حالة توتر واضطراب، وخامسًا بحكم مصالحها الخاصة في حالة التوتر هذه لأنها تستطيع بفضل هذا التوتر أن تسلط الأضواء عليها، فتطلب مزيدًا من الجباية من المؤسسات الصهيونية في العالم، وتطلب ثانيًا مزيدًا من السلاح من الدول الغربية صاحبة المصلحة في بقائها»([19]). ومن هنا فإن المشروع الصهيوني يشكل عنصر الحياة بالنسبة لليهود، ولكنه لا يقوم إلا على حقوق الآخرين وسلبهم مقومات الحياة وقد عبر عن ذلك "أليعزر شافيد"([20]) في دراسة نشرت في إسرائيل في 21/4/1985 بعنوان "أهداف الحركة الصهيونية الحالية" فقال: «... يبدو أنه لم يعد هناك نقاش في شأن الحجة القائلة بأن المشروع الصهيوني لم ينته بقيام الدولة حتى أنه أصبح من الواضح حاليًا لكل من يبدي رأيه في دينامية المجتمع الإسرائيلي الداخلية، ودينامية علاقات دولة إسرائيل بالعرب أنه إذا لم تتحقق زيادة كبيرة في السكان اليهود خلال السنوات العشر المقبلة، وإذا لم يتوسع الانتشار الاستيطاني اليهودي في الجليل وغور الأردن والنقب.. بصورة كبيرة خلال ذلك العقد، وإذا لم نتغلب على الاعتماد الاقتصادي المطلق تقريبًا على الولايات المتحدة، وإذا لم نوفق في العثور على وسيلة أكثر نجاحًا للتعايش بين المتدينين والعلمانيين وإذا أصبح صميم وجود دولة إسرائيل معرضًا لتهديد ملموس، فإن استمرار تحقيق الفكرة الصهيونية لن يكون من الكماليات وإن هذه ضرورة حياتية»([21]).
فالمشروع الصهيوني في الفكر السياسي اليهودي المعاصر مقسم إلى مراحل تنفيذية كلما انتهوا من مرحلة انتقلوا إلى أخرى وما يقوم به جميع القادة اليهود يجب أن يصب في خدمة هذا المشروع، كما أن دراساتهم وأبحاثهم المستقبلية الاستراتيجية تتمحور حول تطويره وإكمال مراحله المتبقية!! وقد جاء في الفصل السادس من كتاب صدر بالعبرية بعنوان "إسرائيل في عالم ما بعد ألفين" عام 1996 لمؤلفه اليهودي أفراييم سنيه تحت عنوان "الدولة اليهودية العظمى في العالم"!! قوله: «ينبغي أن نخطط لمكانة إسرائيل في العالم ما بعد العام ألفين ليس فقط في السياق الإقليمي الضيق، ولا حتى في سياق المدى الاستراتيجي أيضًا بل ينبغي أن تستقصي علاقات "إسرائيل" مع عناصر القوة العالمي القديمة والجديدة في آن واحد»([22]). وأثناء استعراض المؤلف الاستراتيجية التي يجب أن تعمل بها "إسرائيل" لبناء دولة "إسرائيل العظمى" يتكلم عن مشاريع السلام وآثارها السلبية والإيجابية ويرى في النهاية أنها تهدد وجود الدولة اليهودية ومكانتها في العالم ويقول عن ذلك: «إن مسار السلام، وخروج إسرائيل من عزلتها الإقليمية وانهيار المقاطعة العربية والتحسن في وضع إسرائيل الاقتصادي، هذه كلها غيرت صورة إسرائيل في العالم اليهودي. كان من المريح جدًا ليهود الشتات، وخصوصًا ليهود أمريكا الشمالية، أن يتعاطفوا مع إسرائيل، وأن يقدموا مساعدات مالية لصناديقها. لقد رأى يهود كثيرون بمساهماتهم المالية، ليس فقط مساعدة ملموسة لدولة اليهود التي تحارب دفاعًا عن حياتها، بل أيضًا تكفيرًا عن غيابهم عن الحروب الفعلية التي تخوضها إسرائيل ضد أعدائها... ومن الصعب على يهود الشتات التكيف مع إسرائيل غير المحاطة بالأعداء وأن يحتفظوا بتعاطفهم المتوقد معها...
...من واجب إسرائيل الآن أن تهتم بوجود الشعب اليهودي، بمغزى استمراره، بالمحافظة على الهوية اليهودية للملايين من أبنائه... إن توثيق الارتباط المتبادل بيننا وبين الطوائف اليهودية في الشتات بالذات، سيقوي فينا الحاجة إلى إبراز فرادتنا القيمية، إلى بناء مجتمع آخر، مختلف وأكثر رقيًا، الذي سيرغب يهود الشتات بالتفاخر بالتماثل به»([23]).
فتوثيق الترابط بين اليهود في إسرائيل، واليهود في الشتات لا يتم إلا عن طريق الحرب، التي لها فلسفتها الخاصة التي تتعارض مع مفاهيم السلام ومشاريع التسوية المطروحة. وقد أكد "مناحيم بيغين" بأن الحرب هي الطريق الوحيد لبقاء إسرائيل ويقول بالحرف: "عندما قال ديكارت: قولته الشهيرة "أنا أفكر إذن أنا موجود" قالها حقًا ونطقها صدقًا ولكن هناك فترات في حياة الشعوب، لا يكون فيها الفكر وحده شاهدًا أو دليلًا على وجود هذه الشعوب. وذلك لأن الشعب قد يفكر ولكن أبناءه قد يتحولون بفكرهم رغمًا عنهم – إلى قطيع من الرقيق.. وفي حياة الشعوب فترة أخرى هامة [مهمة]، كل ما فيها ينطق ويقول بأن احترامك ككائن بشري يكمن في مقاومتك للشر والعدوان لهذا "نحن نحارب..ولهذا أيضًا نحن  موجودون"."نحن نحارب إذن نحن موجودون. وإذا لم نحارب سوف نفنى. الحرب هي الطريق الوحيد للخلاص.. والحرب أيضًا هي الطريق الوحيد الذي يجعلنا - نحن الإسرائيليين – لا نتحول إلى قطيع من الرقيق.. وإنما إلى أسياد ومسيطرين»!!([24]).
ومن هنا يستحيل السلام مع اليهود لأن السلام يحولهم إلى رقيق!! وهم شعب الله المختار الذي لا يضاهيه شعب آخر بأي من صفات البشرية الفذة!!
5- إن استحالة السلام تعني أن اليهود يعادون الإسلام والمسلمين عداء عقديًا، ويرون أن الخطر الذي يهددهم يأتي من قبله ولذا لا بد من التصدي له فكريًا وماديًا. وذلك ضمن استراتيجية مدروسة. وقد قدم الجنرال "شلو موغازيت"...، وهو مدير سابق للاستخبارات العسكرية، وصفًا رسميًا واضحًا للمبادئ التي تحكم هذه الاستراتيجية، قال: «مهمة إسرائيل الأساسية لم تتغير أبدًا، (من انهيار الاتحاد السوفيتي) وما زالت ذات أهمية بالغة. الموقع الجغرافي لإسرائيل في مركز الشرق الأوسط العربي – المسلم يجعل قدر إسرائيل أن تكون حارسًا مخلصًا للاستقرار في جميع البلاد المحيطة بها. ودورها هو حماية الأنظمة القائمة، ومنع أو وقف التوجهات الجذرية ومنع انتشار الأصولية خارج حدودها إذا اعتبرتها لا تطاق لدرجة الشعوب بأنها مضطرة لاستعمال قوتها العسكرية لمنعها أو استئصالها»([25]).
فالإسلام أو كما يسمونه "الأصولية الدينية المتطرفة" ترهبهم وتخيفهم وتشغل حيزًا كبيرًا في تفكيرهم السياسي والأيديولوجي وكتب "عزرائيل كارلباخ" الأكاديمي الإسرائيلي زاعمًا أن الإسلام هو أسوأ أنواع الطاعون، وأنه حيث تسود (السيكولوجية) الإسلامية نجد السيطرة للطغيان والعدوانية المجرمة ويقول "كارلباخ": «الخطر يكمن في تصورهم (أي المسلمين) الاستبدادي للعالم، من حبهم للقتل المتأصل في دمائهم، من افتقارهم إلى المنطق، من أدمغتهم السريعة الانفعال. إنهم جميعًا عاطفيون ومختلون ومنعدمو العقل..» ([26]). ومن خلال هذا الكلام نستشف مقدار حقدهم على الإسلام والمسلمين، وصدق الله العظيم الذي قال: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ([27]). وهذا يعني أن عداوتهم لكل المبادئ والقيم الأخلاقية والفضائل الكريمة التي تسود العالم، ويعني أيضًا أن النفسية اليهودية تنطوي على مكر شديد وغدر بالغ وحقد أسود، فهم يكرهون المجتمعات البشرية، ويأكل الحقد قلوبهم، ولا يحفظون لقوم عهدًا ولا ذمة، وليس لهم ضمير يؤنبهم على هذا، ويردهم إلى الصواب، ولم يعرف التاريخ قومًا أسرع نقضًا للعهد ولا أحقد منهم، ولقد اكتوى العالم بنار حقدهم ومكرهم وغدرهم فكثير من الوقائع الشنيعة والحوادث المؤلمة تحركها الأيدي اليهودية تحت جنح الظلام.
فاستحالة السلام تأتي من الجانب اليهودي من أربعة اتجاهات:
- الاتجاه الأول: العقيدة اليهودية التي تربوا عليها، ويقوم مشروعهم الاستعماري في فلسطين بأخذ مسوغاته منها.
- الاتجاه الثاني: الاستراتيجية السياسية للمشروع الصهيوني من حيث مقوماته وأهدافه.
- الاتجاه الثالث: العداء اليهودي الأزلي للإسلام والمسلمين بخاصة وللبشرية جمعاء بعامة. وذلك لما يشكله الإسلام والمسلمون من خطر دائم يهدد وجودهم إلى قيام الساعة.
- الاتجاه الرابع: الاختلال الكبير في ميزان التفوق العسكري لصالح المشروع الصهيوني، يضاف إلى ذلك مساندته غير المحدودة من قوى استعمارية كبيرة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تجعله في موقع القوة التي تمنحه الفرصة في إكمال مراحله على حساب حقوق العرب والمسلمين، من دون مراعاة لجميع الاتفاقيات التسوية التي وقعت بين الجانبين.
ووجود هذه الاتجاهات في الممارسات السلوكية اليهودية تجعل من المستحيل أن يقيم اليهود علاقة سلام في قضية الصراع في الشرق الأوسط أو أن يلتزموا بميثاق أو عهد قطعوه على أنفسهم مع غيرهم سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين!!.
وهذه الاستحالة لا علاقة للطرف الآخر بها – رفضًا وقبولًا – وإنما هي مرتبطة باليهود وحدهم وهي مشكلتهم في علاقتهم مع الآخرين وهذه المشكلة باقية فيهم ما داموا على قيد الحياة. وبقدر إدراكنا حقيقة هذه المشكلة نستطيع أن نحدد معالم طريق الحل في مشكلتنا معهم، وسبل المواجهة لمشروعهم الاستعماري في فلسطين. 

([1])  سورة الإسراء: الآيات، 4-8.
([2])  مختصر صحيح البخاري رقم الحديث (1202)، ص 399.
([3])  المرجع نفسه رقم الحديث (1201)، ص 399.
([4])  محمد السماك: الصهيونية المسيحية، ط2، دار النفائس، بيروت، 1993., ص 80-81.
([5])  سفر حزقيال، الإصحاح 37: 21-28.
([6])  سفر حزقيال، الإصحاح 39: 17-22.
([7])  سورة المائدة: الآية :82.
([8])  محمد خليفة حسن: الشخصية الإسرائيلية، ط1، مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة. ص 53.
([9])  أبو داود: سنن أبي داود، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، لا. ت. كتاب الجهاد، رقم الحديث (2532).
([10])  أحمد بن حنبل: مسند أحمد بن حنبل، ط 1، المكتب الإسلامي، بيروت  1993، رقم الحديث (5116).
([11])  سفر التثنية، الإصحاح 11: 22-25.
([12])  سفر القضاة، الإصحاح 2: 1-2.
([13])  أحمد الزغيبي: العنصرية اليهودية، المجلد (4)، ط1، العبيكان، الرياض، 1998.  ص 307.
([14])  المرجع نفسه، مجلد4، ص 307-308.
([15])  المرجع نفسه، ص 208-209.
([16])  مفهوم السلام العادل أصبح يعني في قضية الصراع العربي الإسرائيلي السلام العادل الشامل الذي يستوجب استعادة الحقوق العربية وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية، لاسيما قرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 و425 والتي تقضي بانسحاب إسرائيل وفق المفهوم العربي من الأراضي التي احتلتها بعد عام 1967.
([17])  الأب فوتيوس خليل: موقف المسيحية والإسلام من الديانة اليهودية، ط1، المركز الفني للطباعة والإعلان CAP، طرابلس لبنان 1995، ص 65.
([18])  رفعت سيد أحمد: مذكرات زعماء صهيون، ط1، مكتبة رجب القاهرة 1994، ص 34-35.
([19])  إبراهيم العابد: العنف والسلام في الاستراتيجية الصهيونية، دراسات فلسطينية العدد (10) منظمة التحرير الفلسطينية، مركز الأبحاث، آذار 1967. ص 54.
([20])  أليعزر شافيد: بروفيسور محاضر في دائرة الفكر الإسرائيلي في الجامعة العبرية بالقدس.
([21])  نخبة من المؤلفين: الكيان الصهيوني عام 2000، وكالة المنارة للصحافة والنشر، نيقوسيا، قبرص، 1992. ص 4-5.
([22])  مجلة معلومات العدد 33، تموز 1998، المركز العربي للمعلومات بيروت، ص 10.  
([23])   إسرائيل في عالم ما بعد عام 2000، إعداد وترجمة كمال إبراهيم، معلومات العدد (33) مركز المعلومات العربي ، تموز، 1998. ص 11.
([24])   شفيق أحمد علي: في جنازة المقاطعة العربية، ط2، مركز الحضارة العربية، 1998.، ص 33-34.
([25])   إسرائيل شاحاك: التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، ط1، ترجمة صالح سوداح، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 1995 ص 21-22.
([26])   محمد جلاء إدريس: الاستشراق الإسرائيلي، ط1، العربي للتوزيع والنشر، 1995. ص 108.
([27])   سورة المائدة: الآية 82.
المعرفة المواجهة

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »