موقف وقرارات جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية والمشروع الصهيوني

موقف وقرارات جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية
والمشروع الصهيوني
الدكتور جبر الهلّول
إن موقف جامعة الدول العربية من القضية الفلسطينية يثير تساؤلات كثيرة، بحيث يجد المتتبع لقراراتها الحاسمة تجاه القضية الفلسطينية أنها كانت على الدوام تأتي رد فعل لما يقوم به الكيان الصهيوني من اعتداء وتوسع على الأرض العربية، وتأتي أيضاً، متوافقة مع قرارات دولية رفضت سابقاً، في وقت بات هناك قرارات جديدة، ومطالب صهيونية جديدة مترافقة مع متغيرات ترفض الآن لتقبل في المستقبل. وهذا يعكس حالة الضعف في المنظومة العربية في مواجهة المشروع الصهيوني. ولإدراك هذه الحقيقة التي اتسمت بها جامعة الدول العربية في اتخاذ قراراتها تجاه القضية الفلسطينية منذ نشوئها ولغاية الآن، لابد من دراساتها وفق تسلسلها الزمني الذي اتخذت به.
فقد كان اهتمام جامعة الدول العربية بفلسطين تعود بدايته إلى ما قبل إعلان دولة إسرائيل 1948: حيث كان صدور أو قرار رسمي بشأن مقاطعة البضائع والمنتجات الصهيونية في 2/12/1945 قرار رقم 16/الدورة 2/الجلسة11)، وجاء في نص القرار ما يلي:
«نظر المجلس في الحالة التي تشكو منها البلاد العربية جميعاً، والخطر الصهيوني الذي يهددها ومحاولة الصهيونيين تركيز صناعة في فلسطين تستند على الأموال اليهودية التي تجمع ويتبرع بها لغرض سياسي، والتي تستفيد من ظروف ناشئة عن الحرب لتكوين احتياطي كبير يمكنها من البقاء رغم الصعوبات التي قد تصادفها وذلك لتحقيق الوطن القومي، والدولة اليهودية في لفلسطين وما دام هذا الغرض السياسي هو هدف الأعمال الصناعية والتجارية وغيرها للصهيونيين في فلسطين وكانت الأغراض الصهيونية غير قابلة للتحقيق إلا باستغلال أسواق البلاد العربية، فإن على البلاد العربية أن تدافع عن نفسها بطريق سلمي دفاعاً لا بد منه لبقاء فلسطين عربية لذلك يقرر مجلس الجامعة:
  1.         إن المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية وإن إباحة دخولها للبلاد العربية مما يؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية فإلى أن تتغير هذه الأغراض يقرر مجلس الجامعة أن تتخذ كل دولة من دول الجامعة الإجراءات التي تناسبها والتي تتفق مع أصول الإدارة والتشريع منها كاستخدام رخص الاستيراد في هذا الشأن لمنع هذه المنتجات والمصنوعات من دخول بلادها قبل أول يناير [كانون الثاني] سواء جاءتها من فلسطين مباشرة أو عن طريق آخر. وكذلك لمقاومة الصناعة الصهيونية بأية وسيلة ممكنة.
  2.         يدعو مجلس الجامعة كل الشعوب العربية غير الممثلة في مجلس الجامعة بأن تتضامن وتتعاون مع دول الجامعة في هذا القرار...
  3.         تؤلف لجنة من الدول الممثلة في الجامعة العربية للتنسيق والإشراف على تنفيذ هذا القرار... لتحقيق غرض العرب مع دفع الخطر الصهيوني عنهم»[1].
ثم جاءت قمة أنشاص في مصر من (28-29/5/1946) حيث عقد لأول مرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب واتخذوا بشأن فلسطين القرارات التالية:
­             «إن فلسطين قطر عربي لا يمكن أن ينفصل عن الأقطار العربية الأخرى إذ هو القلب في المجموعة العربية وإن مصيره مرتبط بمصير دول الجامعة العربية ذاتها، ولذلك تعتبر قضية فلسطين جزءاً لا يتجزأ من قضايا القومية الأساسية. (ق ق1/-29/5/1946).
­             إن الصهيونية خطر داهم ليس لفلسطين وحدها، بل للبلاد العربية والشعوب الإسلامية جميعاً ولذلك فقد أصبح الوقوف أمام هذا الخطر الجارف واجباً يترتب على الدول العربية والشعوب الإسلامية جميعها. (ق ق 3/ -29/5/1946).
­             إن أقل ما نرتضيه في سبيل حماية عروبة فلسطين هو:
أ –  إيقاف الهجرة الصهيونية إيقافاً تماماً.
ب- منع تسرب الأراضي العربية إلى الأيادي الصهيونية بصور تامة.
ج- العمل على تحقيق استقلال فلسطين وتشكيل حكومة تضمن فيها حقوق جميع سكانها الشرعيين بدون تفريق بين عنصر ومذهب»[2]. (ق ق 4/-29/5/1946).
­             وانعقد مجلس جامعة الدول العربية في 16/9/1947 في صوفر في لبنان لدراسة قرار هيئة الأمم المتحدة التي أوصت بالتقسيم حيث رفض رفضاً قاطعاً.
­             وعقد مجلس الجامعة في8/12/1947 في القاهرة، وقرر اتخاذ التدابير الحاسمة لإحباط مشروع التقسيم، وخوض المعركة التي أجبرت على خوضها وشملت هذه التدابير تقديم 10 آلاف بندقية وثلاثة آلاف متطوع إلى فلسطين.
­             وقررت الجامعة سنة 1948 أن تتدخل الجيوش العربية لحماية فلسطين، وإنقاذ عروبتها، على أن تحل كافة المنظمات الشعبية الفلسطينية، وأن يعهد بمعالجة القضية إلى الجامعة العربية، والجيوش العربية، ووضع خطة عسكرية مشتركة لجميع تحركات الجيوش العربية، وتكوين هيئة قيادة عامة واختيار القائد الأعلى للجيش الأردني رئيساً لهذه الهيئة[3].
 ولكن مع كل هذه القرارات من قبل الجامعة العربية هزم العرب في حرب 1948 وقامت دولة إسرائيل على جزء من تراب فلسطين!! . ولكن لماذا حدث ما حدث؟! والجواب بعبارة مختصرة هو عدم الالتزام بتلك القرارات وفق ما كشفه "العميد طه الهاشمي"[4].
ولكن مع ذلك، وبعد إعلان قيام إسرائيل لم تتوقف قرارات الجامعة العربية لأنها كانت بحاجة إلى بيان كيفية التعامل مع هذا الكيان الجديد!!. وهذا ما قامت به فعلاً في الجلستين الرابعة والسادسة لمجلس الجامعة العربية عام 1950، إذ صدر عنها قراران يدعوان إلى عدم التفاوض أو الاعتراف بالكيان الصهيوني أو عقد صلح منفرد مع إسرائيل. القرار الأول يحمل الرقم (ق/292/د 12:ج4-1/4/1950، وينص على ما يلي: «استناداً إلى الفقرة الأولى من المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية وإلى الملحق الخاص بفلسطين وبالنظر إلى ما للقضية الفلسطينية من الأهمية الحيوية لجميع دول الجامعة العربية ولما كانت هذه الدول قد عملت مجتمعة في تطورات هذه القضية نظراً للخطر المشترك الذي تعرضت وتتعرض له دول الجامعة دفاعاً عن فلسطين وعن نفسها قرر مجلس جامعة الدول العربية في جلسته الرابعة... بالإجماع:
أولاً: أنه لا يجوز لأية دولة من دول الجامعة العربية أن تتفاوض في عقد صلح منفرد أو أي اتفاق سياسي أو عسكري أو اقتصادي مع إسرائيل أو أن تعقد فعلاً مثل هذا الصلح أو الاتفاق، وإن الدولة التي تقدم على ذلك تعتبر على الفور منفصلة عن الجامعة العربية طبقاً للمادة الثامنة عشرة من ميثاقها.
ثانياً: تكليف اللجنة السياسية اقتراح التدابير التي يجب أن تتخذ بشأن الدولة التي تركت هذه المخالفة»[5].
القرار الثاني يحمل الرقم (ق/314/د12/ج6-13/4/1950) وينص على ما يلي: «يوافق المجلس على قرار اللجنة السياسية الآتي:
تنفيذاً لقرار مجلس الجامعة الصادر بتاريخ أول أبريل [نيسان] 1950 والذي ينص على ما يأتي:
أولاً: لا يجوز لأية دولة من دول الجامعة العربية أن تتفاوض في عقد صلح منفرد أو أن تعقد فعلاً مثل هذا الصلح أو الاتفاق. وإن الدولة التي تقدم على ذلك تعتبر على الفور منفصلة من الجامعة العربية طبقاً للمادة 18 من ميثاقها. ويترتب على صدور قرار اللجنة السياسية بثبوت المخالفة اعتبار الدولة المخالفة منفصلة عن جامعة الدول العربية واتخاذ التدابير الآتي بيانها:
  1.         أ –  قطع العلاقات السياسية والقنصلية مع الدولة.
ب- إغلاق الحدود المشتركة معها ووقف العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية معها.
ج- منع كل اتصال مالي أو تعامل تجاري مباشرة أو بالوساطة مع رعاياها.
  2.         تبلغ كل دولة الأمانة العامة بجامعة الدول العربية الإجراءات التي اتخذتها في هذا الشأن...
  3.         تتضافر الدول الأعضاء على تقديم المعونة المتبادلة لتنفيذ التدابير المشار إليها»[6].
إن من يطلع على قرارات الجامعة العربية في ذلك الحين ويقارنها بالواقع الحالي في ظل المفاوضات والتسويات الثنائية والصلح المنفرد من قبل العديد من الدول العربية يصاب بالدهشة!!. وكأن تلك القرارات هي بالفعل قد اتخذت لتبرهن فقط على حالة التردي العربي بشكل  مستمر.
وبالعودة إلى جامعة الدول العربية في مؤتمر قمتها الثاني الذي انعقد في 5-11/9/1964 حيث وضعت «خطة العمل العربي الجماعي في تحرير فلسطين عاجلاً وآجلاً». وكان المطلوب تحرير فلسطين بكاملها وقد تناولت قرارات القمة المتعلقة بفلسطين هذا الهدف. وذلك كما يلي:
  1.         إن الهدف العربي في المجال العسكري ذو مرحلتين:
أ –  هدف قومي نهائي وهو تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني.
ب- هدف أولي عاجل، وهو تعزيز الدفاع العربي على وجه يؤمن للدول، التي تجري فيها روافد نهر الأردن، حرية العمل العربي في الأرض العربية.
  2.         بالنسبة للهدف العاجل: استكمال تنفيذ جميع مقررات الدورة الأولى لمجلس الملوك والرؤساء العرب تنفيذاً تاماً ناجزاً في جميع الميادين الفنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية...
  3.         إن تحقيق الهدف القومي النهائي في تحرير فلسطين يستلزم:
أ – استكمال القوة العربية لتحقيق هذا الهدف، وحشد جميع الطاقات العربية العسكرية والاقتصادية والسياسي.
ب- أن تضع القيادة العامة الموحدة خطة تفصيلية لتنفيذ الهدف.
ج- أن تبين كل دولة في تفصيل مقدرتها...، وإن تحدد مساهماتها في حمل مسؤولياتها تجاه هذا الهدف.
د - أن يضع القائد العام، خلال عام، خطة تفصيلية لتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني...» [7].
وبعد عام من هذه القرارات انعقد مؤتمر القمة العربي الثالث في الدار البيضاء (13-17/9/1965) حيث صدر عنه "ميثاق التضامن العربي" الذي وقعه الملوك والرؤساء العرب في 15/9/1965 وأودعوه الأمانة العامة، بعد أن تسلموا صوراً منه، واتفقوا على أن يصبح نافذاً ابتداء من يوم توقيعه وهذا نصه: «إيماناً بضرورة التضامن بين الدول العربية ودعم الصف العربي لمناهضة المؤامرات الاستعمارية الصهيونية التي تهدد الكيان العربي، ويقيناً منا بالحاجة القصوى لتوفير الطاقات العربية تمهيداً لتعبئة القوى لمعركة الكفاح لتحرير فلسطين، وإيماناً بالحاجة إلى الانسجام والوفاق بين الدول العربية لكي يتسنّى لها أن تلعب دوراً فعالاً في إقرار السلام، ورغبة منا في توفير جوّ يسوده روح الود والإخاء بين البلاد العربية، حتى لا يتمكن الأعداء من أن يفتّوا في عضد الأمة العربية فقد التزمنا، نحن ملوك ورؤساء الدول العربية، في مؤتمر القمة المنعقد بالدار البيضاء بين 13-17/9/1965 بما يلي:
أولاً: العمل على تحقيق التضامن في معالجة القضايا العربية، وخاصة قضية تحرير فلسطين..»[8].
وبعد حرب 5 حزيران 1967 والتي استطاعت إسرائيل فيها أن تحتل كل فلسطين وأجزاء من الدول العربية المجاورة لها، حيث لم يستطع ميثاق التضامن العربي أن يوقف توسعها وعدوانها المستمر!! لكن مع ذلك بقيت الجامعة العربية على مواقفها الثابتة تجاه إسرائيل إذ لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بها وهذا ما صدر عن مؤتمر القمة العربي الرابع الذي انعقد في الخرطوم (29/8—1/9/1967) وذلك في قرار القمة رقم (40/د4:-1/9/1967) الذي نص على ما يلي:
«اتفق الملوك والرؤساء على توحيد جهودهم في العمل السياسي على الصعيد الدولي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان وتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية المعتدية من الأراضي العربية المحتلة بعد عدوان 5 حزيران، وذلك في نطاق المبادئ الأساسية التي تلتزم بها الدول العربية، وهي عدم الصلح مع إسرائيل أو الاعتراف بها وعدم التفاوض معها والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه»[9].
ولكن يلاحظ من هذا القرار أن هناك تراجعاً عربياً عن تحرير كل فلسطين وكأنها لم تعد أرضاً عربية وإنما اقتصر القرار على إزالة آثار العدوان وتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت بعد عدوان 5 حزيران. وكأن آثار انتصار إسرائيل بدأت تظهر بوضوح على قرارات مجلس جامعة الدول العربية المهزومة!!. إذ كان القرار الصادر لا صلح ولا تفاوض مع إسرائيل ولا اعتراف بها عام 1950 عن مجلس الجامعة في دورتها الرابعة والسادسة. يعبر عن كل فلسطين. ولكن جاء قرار القمة 1/9/1967 لكي يتماشى مع ما كان يطرح دولياً في هيئة الأمم المتحدة حول وضع أسس للتسوية في الصراع العربي الإسرائيلي. وكأنه كان الضوء الأخضر لصدور قرار مجلس الأمن 242 في تاريخ 22/11/1967 الذي هو بمفهومه العربي ينسجم في بعض جوانبه مع قرار القمة العربية الرابعة!!. وقد تأكد تراجع جامعة الدول العربية عن مواقفها بشكل مطرد مع توسع المشروع الصهيوني وتقدمه نحو أهدافه. إذ جاءت قرارات مؤتمر القمة العربي السادس في الجزائر 26-28/11/1973 بعد قيام حرب (6 تشرين أول 1973) تثبت تنازل العرب عن كل فلسطين واقتصار مطالبهم على الأراضي التي احتلت بعد حرب 1967 حصراً واعتبر ذلك هو الهدف المرحلي للأمة العربية في نضالها المشترك!!.
ومما جاء في هذه القمة (القرار 46/د6/-28/11/1973) الذي نص على ما يلي: ويقرر المؤتمر أن أهداف المرحلة الحالية للنضال العربي المشترك هي:
  1.         «التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان يونيو/حزيران 1967، وعدم التنازل أو التفريط في أي جزء من هذه الأراضي أو المساس بالسيادة الوطنية عليها.
  2.         تحرير مدينة القدس العربية، وعدم القبول بأي وضع من شأنه المساس بسيادة العرب الكاملة على المدينة المقدسة.
  3.         الالتزام باستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وفق ما تقرره منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
  4.         قضية فلسطين هي قضية العرب جميعاً ولا يجوز لأي طرف عربي التنازل عن هذا الالتزام وذلك وفق ما أكدته مقررات مؤتمرات القمة السابقة»[10].
فقد تم التخلي عن تحرير فلسطين وأصبح هدف الجامعة الاقتصار على المطالبة بتحرير الأراضي العربية التي احتلت 1967. وهذا يعني أن الأراضي التي احتل قبل هذا التاريخ هي أراض ليست عربية وبذلك يكون اعتراف ضمني من قبل الجامعة العربية باغتصاب اليهود لفلسطين وتنازل عنها!!. واعتراف أيضاً بقرار مجلس الأمن 242. وبخاصة بعد ما قسّم قرار القمة هذا فلسطين إلى أراض ما قبل حرب 1967 وأراضي بعد 1967 كما قسّم الأراضي التي احتلت بعد 1967 وذلك أثناء الحديث بشكل مستقل عن تحرير مدينة القدس. فالبند الأول عندما نص على «التحرير الكامل لجميع الأراضي... وعدم التنازل أو التفريط في أي جزء من هذه الأراضي...» فإنه يشمل مدينة القدس بكاملها. ولكن عندما تحدث عن مدينة القدس العربية. فهذا يعني أن هناك مدينة أخرى غير عربية بهذا الاسم، وهذا إشارة إلى تقسيم مدينة القدس إلى قسمين قدس عربية وقدس يهودية، وبالتالي أصبح المجال مفتوحاً للتنازل حتى عن أجزاء من الأراضي التي احتلت بعد 1967، وبذلك يكون القرار منسجماً مع المفهوم "الإسرائيلي» للقرار 242 من "أراضٍ احتلت"!
كما جاءت قرارات القمة السابعة في الرباط التي انعقدت من 26- 29/10/1974[11]، لتتبنى نفس قرارات القمة السادسة التي تعبر عن الهدف المرحلي للأمة العربية!! وكذلك جاءت قرارات القمة التاسعة التي انعقدت في بغداد من 2-5/11/1978) لتعيد تأكيد التزام جامعة الدول العربية بمقررات القمة  السادسة والسابعة وذلك بالحرف الواحد تقول: «تأكيد الالتزام بمقررات مؤتمرات القمة العربية وخاصة المؤتمرين السادس والسابع المنعقدين في الجزائر والرباط بتحديد الهدف المرحلي للنضال العربي المشترك»[12]. وقد جاءت هذه القمة في أعقاب اتفاقيات كامب ديفيد بين (مصر وإسرائيل) التي تم التوقيع عليها في 17/9/1978، واتخذت قرارات رافضة لما جرى في كامب ديفيد وذلك للأسباب التي أوضحتها قرارات القمة بالاستناد إلى قرارات القمة السادسة في الجزائر والقمة السابعة في الرباط التي تحدد الهدف المحلي للنضال العربي المشترك!. وبخاصة البند رقم (4) الذي ينص على: «قضية فلسطين هي قضية العرب جميعاً ولا يجوز لأي طرف عربي التنازل عن هذا الالتزام». «واستناداً إلى ما جاء في أعلاه، فإن من المبادئ الجوهرية التي لا يجوز الخروج عنها، أو التساهل فيها، عدم جواز انفراد لأي طرف من الأطراف العربية بأي حل للقضية الفلسطينية بوجه خاص، وللصراع العربي الصهيوني بوجه عام.
ولا يقبل أي حل إلا إذا اقترن بقرار من مؤتمر قمة عربي ينعقد لهل الغاية»[13].
ومما جاء في هذه القمة من قرارات ترفض كامب ديفيد وتعلل الأسباب القرار رقم 99/د 9-5/11/1978، الذي ينص على ما يلي:
«لما كانت اتفاقيتا كامب ديفيد تمسان حقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وتمتا خارج إطار المسؤولية العربية الجماعية وتتعارضان مع مقررات مؤتمرات القمة العربية، لا سيما مقررات الجزائر والرباط وميثاق الجامعة العربية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين ولا تؤديان إلى السلام العادل الذي تنشده الأمة العربية، لذلك فإن المؤتمر يقرر عدم موافقته على هاتين لاتفاقيتين وعدم التعامل مع ما يترتب عليهما من نتائج ورفضه لكل ما يترتب عليهما من آثار سياسية واقتصادية وغيرها من آثار»[14]. والملاحظ أن أسباب الرفض الأساسية لاتفاقيات كامب ديفيد لم تأت من اعتراف مصر "بدولة إسرائيل"، أو التنازل عن الحقوق العربية المغتصبة في كل فلسطين وإنما كانت أسباب الرفض الجوهرية متعلقة بانفراد مصر دون الأطراف العربية بالاتفاق مع إسرائيل، وجامعة الدول العربية تعتبر قضية فلسطين – المتعلقة بالأراضي المحتلة  بعد 1967 – هي قضية العرب جميعاً ولذا فإن مثل هذه الخطوة التي قامت بها مصر يجب أن تنبثق من قرار «من مؤتمر قمة عربي ينعقد لهذه الغاية»!!.
وهاتان الاتفاقيتان قد تمتا خارج المسؤولية العربية الجماعية...»، ولذا «فإن المؤتمر يقرر عدم موافقته على هاتين الاتفاقيتين...».
وكذلك جاءت قرارات القمة العاشرة التي انعقدت في تونس من 22/11/1979 لتؤكد ما جاء في القمة التاسعة، وبخاصة ما جاء في القمتين السادسة والسابعة في الجزائر والرباط، وتذكر في القرار (ق ق 119/د 10/ -22/11/1979) ما يلي:
«إن الوجود الصهيوني في الأراضي العربية هو جوهر الصراع مع العدو الصهيوني، وإن الأمة العربية معنية وملتزمة بالنضال من أجل قضية فلسطين والأراضي المحتلة الأخرى وتقديم جميع التضحيات المادية والمعنوية»[15]. وبطبيعة الحال المقصود في الوجود الصهيوني في الأراضي العربية بعد حرب 1967 وذلك لأن القرار السابق له يشير في فقرته (أ) إلى «التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان حزيران 1967...»[16].
وفي أعقاب اجتياح إسرائيل عام 1982 للبنان عقد مؤتمر القمة العربية الثاني عشر في فاس في المغرب بتاريخ 9/9/1982 في الدورة المستأنفة وقد أقر فيه لأول مرة "مشروع السلام العربي" الذي يشكل انعطافاً مهماً في السياسة الرسمية العربية وانتقالاً من حالة الحرب مع إسرائيل ولو بصورتها الهزيلة إلى حالة الاستعداد لإقامة سلام معها بشكل علني، بعد غياب مصر عن دائرة العمل العربي المشترك[17]. وبعد أن سبقت مصر إلى ما كان يطمح المؤتمرون بالوصول إليه بشكل جماعي رسمي!!.
وكان قد نص "مشروع السلام العربي" الذي أقر في المؤتمر على المبادئ التالية:
أولاً: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلها عام 1967، بما فيها القدس.
ثانياً: إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد عام 1967.
ثالثاً: ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان بالأماكن المقدسة.
رابعاً: تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد، وتعويض من لا يرغب في العودة.
خامساً: تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة، ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
سادساً: قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
سابعاً: يضع مجلس الأمن الدولي ضمانات السلام بين جميع دول المنطقة، بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة.
ثامناً: يقوم مجلس الأمن الدولي بضمان تنفيذ تلك المبادئ». (ق ق 154/د12/9/9/1982 )
إن "مشروع السلام العربي" جاء ليلتقي مع قرارات هيئة الأمم المتحدة، ولكن بعدما قامت "إسرائيل" باجتياح لبنان، وقطعت شوطاً كبيراً في بناء المشروع الصهيوني واحتلت مساحة جغرافية كبيرة على طريق بناء "إسرائيل الكبرى"، وأصبحت بحاجة إلى تثبيت هذا الانتصار وترسيخه، فجاء مشروع السلام العربي ليفتح المجال أمام تسوية تقوم بمجملها على التفريط بالحقوق العربية، ويفتح الطريق واسعاً أمام بناء، "إسرائيل العظمى" وكأن الثغرة التي فتحتها مصر بتوقيعها على معاهدة السلام مع إسرائيل (1979) قد أنهت بشكل فعلي الوجود الشكلي لمعاهدة الدفاع المشترك وميثاق التضامن العربي الذي لم يكن لهما وجود سوى على الورق الذي كتبت عليه، وقد أثبت اجتياح إسرائيل للبنان ذلك!!.
كما يلاحظ في البند الخامس من المشروع «تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة، ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر...» أنه جاء ليلتقي مع ما طرح في اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل «لحل المشكلة الفلسطينية بكل جوانبها بإقامة حكم ذاتي في الضفة العربية وقطاع غزة»، وهكذا قزمت المشكلة الفلسطينية فبعدما كانت تشمل كل فلسطين أصبحت مقتصرة على «الضفة العربية وقطاع غزة». وما كان مرفوضاً في اتفاقية كامب ديفيد أصبح مشروعاً عربياً رسمياً، وكأن جامعة الدول العربية كانت على علم مسبق بما تعاني منه "إسرائيل" وبخاصة بعد توسعها في حرب (1967). من مشكلات سببها ضم الضفة الغربية وقطاع غزة فجاءت لتريحها منها لا سيما ما يهدد يهودية "دولة إسرائيل"!! وهذا ما تحقق فعلاً في التسويات الثنائية بعد مؤتمر مدريد 1991، حيث جاء اتفاق أوسلو بتاريخ 13/9/ 1993، ومن ثم جاء اتفاق غزة أريحا أولاً بتاريخ 4/5/1994، الذي منح حوالي مليون فلسطيني حكماً ذاتياً، منسجماً إلى حد كبير مع قرارات جامعة الدول العربية، ومن ثم محققاً الأهداف الاستراتيجية الصهيونية. وبعدما فشلت مباحثات  كامب ديفيد 2000 بين الجانب الفلسطيني والجانب الصهيوني حول الموضوعات التي تتعلق بالحل النهائي للقضية الفلسطينية التي تتعلق بقيام الدولة الفلسطينية والمستوطنات واللاجئون والسيادة على القدس، ورداً على زيارة شارون للمسجد الأقصى اندلعت انتفاضة الأقصى في 28/9/2000، التي قامت الحكومة الصهيونية بقيادة شارون بكل ما تمتلك من قوة عسكرية في قمعها. هذا الرد من الجانب الصهيوني على الاتفاقيات العربية السابقة ونقضها، رد عليه في انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة في 21/11/2000، التي طالبت إسرائيل بالتوقف الفوري عن ممارستها القمعية وسياستها الاستفزازية، كما طالبت القمة الدول التي لا تربطها معاهدات مع إسرائيل بوقف علاقاتها معها، وربط التطبيع بانتهاء التسوية السلمية؛ وقررت مواصلة الدعم المادي والمعنوي لصمود الشعب الفلسطيني...فقرارات القمة العربية الطارئة جاءت متوافقة مع صدور قرار مجلس الأمن (1322) الذي أدان الأعمال العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني واعتبرها "استخدام مفرط في القوة"!!.
فقرارات القمة العربية التي تحتفظ بقدرتها على التأثير داخل أروقة الجامعة العربية أثناء صياغتها، لم تمنع شارون في 17/4/2001 من إعادة احتلال بعض المدن الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي، وتدمير عشرات المنازل فيها. بل جاءت ضمن سياق الضعف الذي تسير عليه منظومتها منذ إن نشأت. ولم تشذ قراراتها  في قمتها الرابعة عشرة التي عقدت في بيروت بتاريخ 26-28/3/2002 عن خط التراجع تجاه المشروع الصهيوني الاستعماري، إذ جاء في البيان الختامي للقمة فيما يخص القضية الفلسطينية ما يلي:
«يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تنجح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضاً».ولكن لم يكد يجف الحبر الذي كتبت به قرارات قمة بيروت، حتى قام شارون في 29/3/2002 بعملية السور الواقي واقتحام مخيم جنين وارتكاب المجازر الوحشية فيه!.
إن الدارس لموقف جامعة الدول العربية وقراراتها من القضية الفلسطينية منذ قيامها عام 1945 ولغاية الآن، ومقارنتها بقرارات هيئة الأمم المتحدة منذ صدور قرار التقسيم (181) عام 1947 ولغاية الآن، ومدى تأثير ذلك في المشروع الصهيوني يجد: أن قرارات الجامعة العربية بدأت بالرفض لهذا المشروع كاملاً من القمة، ثم بدأت تتراجع خطوة فخطوة، إثر تقدم المشروع الصهيوني خطوة فخطوة، إلى أن وصلت إلى "مشروع السلام" الذي يثبت المشروع الصهيوني، ويرسخه في المنطقة العربية رسمياً من قبل أعلى منظمة عربية تمثل قرار العرب جميعاً، وتوحد أهدافهم تجاه القضية الفلسطينية. لكن في المقابل كانت قرارات الأمم المتحدة قد بدأت مع المشروع الصهيوني من القاعدة فقسمت فلسطين عام 1947 وأعطت اليهود دولة ثم اعترفت بها بعد قيامها وأخذت تتوالى قرارات الأمم المتحدة بعد كل توسع يهودي مهادنة له ومتواطئة معه على حساب الحقوق العربية إلى أن وصلت إلى قراري التسوية (242)، (338) اللذين شكلا أساس التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، حيث بدأت نقاط التلاقي والتقاطع مع قرارات الجامعة العربية, وهذا يثير تساؤلات واستفسارات كثيرة لا يمكن الإجابة عنها إلا بدراسة علمية مستقلة. وكل ما يمكن قوله الآن: إن الأمم المتحدة كانت تتجه بقراراتها إلى المجتمع الدولي لمساندة المشروع الصهيوني وبنائه لبنة لبنة، بينما الجامعة العربية كانت تتجه بقراراتها إلى الشعب العربي الرافض للمشروع الصهيوني الذي ما كان ليخضع للأمر الواقع إلا عن طريق قرارات الجامعة العربية التي أخذت تهدم جدار الرفض لبنة لبنة وبخاصة بعد خوض حروب كانت نتائجها مدروسة سلفاً. ليكون الاستسلام في النهاية هو المطلوب. ومن يدري مستقبلاً، أن مطالبة إسرائيل بالانسحاب إلى حدود ما قبل انتفاضة الأقصى 28/9/2000 سيصبح في قمم جامعة الدول العربية القادمة قراراً عربياً جديداً يضاف إلى قراراتها السابقة التي أمسى تنفيذها أمراً عسيراً، وبخاصة أن السلطة الفلسطينية التي أمست في ظل قبولها بالخطة الأمريكية للسلام المسماة "خريطة الطريق"، تطالب إسرائيل بالانسحاب إلى حدود ما قبل الانتفاضة. كما وأن في ظل العجز الذي اتسمت الجامعة العربية به تجاه العدوان على العراق والذي انعكست آثاره على القضية الفلسطينية بشكل سلبي كبير، حتى باتت القضية الفلسطينية شأن داخلي فلسطيني تلتزم الجامعة العربية بما تلتزمه السلطة الفلسطينية التي لا خيارات أمامها سوى القبول بالأمر الواقع الذي تفرضه الإدارة الأمريكية المتحالفة مع الكيان الصهيوني.


[1]  - قرارات مجلس جامعة الدول العربية الخاصة بقضية فلسطين (1945-1961) ،الأمانة العامة لإدارة شؤون فلسطين، دار القاهرة، مصر، 1961. ص 55-45.
[2]  - مؤتمرات القمة العربية وقراراتها وبياناتها (1946- 1985)، إعداد مكتب الأمين العام، مركز التوثيق والمعلومات. ص 19.
[3]  - صلاح الدين شكري: فلسطين ومؤتر القمة العربي، ط1، مكتب الصحافة للشرق العربي، دمشق، 1967. ص 67.
[4]  - يقول العميد الركن طه الهاشمي أحد قادة العرب الذي شاركوا وأشرفوا على استعدادات العرب لمنع قيام  دولة اليهود بالحرف الواحد، في مقال نشره يوم 15 حزيران سنة1952 في جريدة "الجبهة الشعبية" العراقية والتي كان يرأسها هو تحت عنوان "يوميات فلسطين" ما نصه: بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1947، أطلعني السيد جميل مردوم رئيس وزراء سوريا – في ذلك الوقت – على المقررات أو القرارات السرية التي قررتها اللجنة السياسية في الجامعة العربية وتتلخص في الآتي:
أولاً: شجب قرار تقسيم فلسطين، وبذل كل الوسائل الممكنة لتأسيس دولة عربية مستقلة وموحدة في فلسطين.
ثانياً: تخصيص عشرة آلاف بندقية لهذا الغرض... على أن تجمع هذه البنادق من الحكومات العربية وتسلم إلى اللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية...
ثالثاً: تزود هذه البنادق بكمية من الذخيرة لا تقل عن أربعمائة طلقة لكل بندقية.
رابعاً: تخصيص مقدار كاف من المسدسات والرشاشات وغير ذلك.
خامساً: قيام الحكومات العربية بتجهيز ثلاثة آلاف متطوع كاملي العدة بسلاحهم وعتادهم وتجهيزاتهم.. على أن ترسل هذه القوات إلى سوريا قبل 15 يناير 1948.
      ... سلمت الحكومة السورية ما تعهدت به من سلاح إلى اللجنة العسكرية... أما الحكومة العراقية، وحصتها ألفين بندقية بذخيرتها، فقد سلمت... 1260 بندقية فرنسية فقط، بلا ذخيرة،... وسلمت حكومة لبنان للجنة العسكرية مائتين وخمسين بندقية ألمانية فقط، ومعها عشرة آلاف طلقة... فضلاً على ما كانت قد سلمت من قبل وهو ثلاثمائة بندقية فرنسية بلا ذخيرة، وبذلك يكون جملة ما سلمته حكومة لبنان للجنة هو 550 بندقية من مجموع حصتها المقرر وهي ألف بندقية... أما الحكومة المصرية وحصتها ألفين بندقية، فبدلاً من أن تسلمها إلى اللجنة العسكرية، كما هو مقرر، فقد سلمت إلى مفتي فلسطين بالقاهرة ألف ومائتين بندقية، وأرسلت إلى اللجنة العسكرية ثلاثمائة وعشرين بندقية فقد... جميعها بلا ذخيرة. وبالفحص ظهر أن ثلاثة أرباع كل هذه البنادق غير صالح للاستعمال.. أما حكومة المملكة العربية السعودية وحصتها ألفين بندقية، فقد سلمت إلى اللجنة.. ألف وخمسمائة وستة وتسعين بندقية... مائتين وسبعة وثلاثون بندقية منها خديوية أي نمساوية قديمة لا يمكن الحصول على ذخيرة لها والباقي بنادق متنوعة... وجميعها بلا ذخيرة... وبالفحص ظهر أن مائتين وخمس وثلاثين بندقية منها لا تصلح ميكانيكياً، أما البنادق الخديوية، فقد ظلت عاطلة بالإضافة إلى ألف وأربعة وثلاثين بندقية لا تصلح للاستعمال إلا بعد التصليح في المعامل... وبتاريخ 13 يناير 1948 وصل من العراق التي حصتها ألفين بندقية.. وصل منها إلى دمشق خمسمائة بندقية... مع ثلاثين ألف طلقة فقط... أي نصيب البندقية ستون طلقة فقط، لا أربعمائة طلقة كما هو مقرر... وقد أرسلت هذه البنادق باسم القوة التي جهزتها الحكومة العراقية بموجب القرار السري للدول العربية للدول العربية، من أجل مساعدة فلسطين ومنع قيام الدولة اليهودية!!.
        ... وصل إلى اللجنة – ثانياً – من مصر ثلاثمائة وسبعة وخمسون بندقية أخرى متنوعة، خمسة وأربعون منها غير صالحة... وجميعها بلا ذخيرة.
        وأخيراً: سلم الأردن وحصته ألف بندقية إلى اللجنة مائة بندقية إنجليزية فقد. ومعها خمسة عشر مدفع رشاش...
        والواضح مما سبق ذكره أن الحكومات العربية، رغم تعهداتها بتقديم السلام والعتاد بالمقدار المتفق عليه من قبل... فإنها لم تف بوعدها... والغريب أن ملابس المتطوعين كان أكثرها بالياً والأحذية ممزقة. وقد سجل هذه المعلومات في يومياتي في حينه من دون تعليق، وللقارئ أن يستنتج... لا سيما إذا كان لدى = الجانب اليهودي هدف محدد، وقيادة موحدة، وخطة مدبرة، وعزم على البقاء، مزود بالتضحية.. وفي الجانب العربي إهمال في تنفيذ القرارات، وفوضى في الأعمال.. وتناحر في الزعامات والمصالح!!!».
        نقلاً عن شفيق أحمد علي: في جنازة المقاطعة العربية لإسرائيل، ط2، مركز الحضارة العربية، 1998. ص 118-120.

[5]  - قرارات مجلس الجامعة العربية الخاصة بقضية فلسطين (1945- 1962)، ص65-66.
[6] - المرجع نفسه، ص67-68.
[7]  - مؤتمرات القمة العربية، ص 30.
[8]  - المرجع نفسه، 40.
[9]   - المرجع نفسه، 46.
[10] - المرجع نفسه، ص51.
[11]  - قرارات مجلس الجامعة..، ص67-68.
[12] - مؤتمرات القمة العربية، 86.
[13]  - المرجع نفسه، ص86.
[14]  - المرجع نفسه، ص87.
[15] - المرجع نفسه، ص97.
[16]  المرجع نفسه، ص97.
[17] - عدنان السيد حسين: عصر التسوية، ط1، دار النفائس، بيروت، 1990. ص215.
المعرفة المواجهة

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »