القضيَّةُ
السُّوريَّةُ تحت رحى الاتّفاق الأمريكيّ الروسيّ!!..
الدكتور جبر الهلُّول
إنّ
القضيَّةَ السوريَّةَ تَعودُ إلى واجهةِ الحراكِ السّياسيِّ الدوليِّ والإقليميِّ
من جديدٍ، بعدما توقَّفتْ في أواخر شهر نيسان الماضي، وستكونُ أمامَ استحقاقاتٍ
عسكريَّةٍ وسياسيَّةٍ جديدةٍ ستُمثّل مرحلةً مِن أهمِّ المراحل وأخطرها في تاريخ
الثّورة السورية، حيث إنَّ هذه المرحلة تُرسَم مَعَالِمُها وتُحدّدُ -الآن- أدقُّ
تفصيلاتها بعيدًا عن إرادة الشعب السوري وقِواه الثوريّة، باستثناء أنهم يعيشون
إرهاصاتها واقتراب أجلها من خلال تصعيدِ العدوان الانتقاميّ بشكلٍ مكثّفٍ الذي
يسبقُ عادةً أيّ قرارٍ بوقف إطلاق النار أو البدء بمفاوضاتٍ جديدةٍ، أو من
التّسريبات التي تنشرها الصحفُ ومواقعُ الإعلام الغربية. تلك التسريباتُ كانت
كافيةً بحد ذاتها لفرض واقعٍ مُرْبَكٍ على كافة أطراف الصراع الإقليمية والمحلية
من باب أولى، وذلك قبل التوقيع على الاتفاق بشكل رسمي بين روسيا وأمريكا وتفعيلها
على الأرض ضمنَ جدولٍ زمنيٍّ مُحدّدٍ!.
إذا
كانتْ إرهاصاتُ المرحلةِ القادمةِ قد بدأتْ تداعياتها على الأرض تُحْدِثُ أثرها،
فكيف إذا بدأتْ على النحو الذي ظهرتّْ فيه من خلال التسريبات والتّصريحاتِ
الإعلاميّةِ، وتمَّ التوقيعُ عليها بعد تدوير الزوايا الخلافيَّة
"المَصَالِحيَّة" بين موسكو وواشنطن، حيث من المُرَجّحِ أنْ تنطلقَ
المرحلةُ الجديدةُ في الأوّل من شهر آب القادم بثلاثِ ملفاتٍ كُبْرى بالتّوازي
معًا بشكلٍ يختلفُ ميدانيًّا وسياسيًّا تمامًا عمّا جرى في السّنواتِ التي مَضتْ
من عمْرِ القضيّةِ السوريّةِ وتَداخُلاتِها الدوليَّةِ والإقليميَّةِ
والمحليَّةِ؟!.
إنّه
باتَ من المعلوِم أنّ مدينةَ جنيف السويسرية تشهدُ اليوم في 26 و27 تموز الجاري اجتماعاتٍ
مُكثَّفةً لمناقشةِ الملفِّ السّوريّ بقضاياه الثلاث: وقف إطلاق النار الطويل
الأمد، والشّراكة العسكريّة بينهما، وعمليّة الانتقال السياسيّ، بين مسؤولين كبار من
وزارتي خارجية روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية إلى جانبِ مسؤولين في منظمة الأمم المتحدة برئاسةِ دي ميستورا، بينما وزير الخارجية كيري ولافروف يلتقيان في "لاوس" من أجل وضعِ
الّلمساتِ الأخيرةِ لانطلاقِ المرحلةِ المُقْبلةِ بمساراتها الثلاث. وقد ذَكرتْ مصادرُ
مُطّلعةٌ أنَّ الهدفَ من اجتماعات جنيف بين الروس والأميركيين يَتمثَّلُ في وضع آلياتِ
تطبيقِ الاتّفاق الذي توصّلتْ إليه موسكو وواشنطن أخيراً بما يَخُصُّ المسَاريْن العسكريّ
والسياسيّ في القضيّة السوريّة بِناءً على ملفِّ مُقْترحِ المُقَايضَة بينهما الذي
يتعلَّقُ بالشّراكةِ العسكريَّةِ الأمريكيّةِ الروسيّةِ لضربِ "جبهة
النصرة" الذي يُمثّلُ المسَارَ الثَّالثَ الذي هو قاعدة الاتّفاقِ بينهما ومن
دونه لن تكونَ هناك مرْحلةٌ جديدةٌ وإنّما سنكونُ أمامَ امتدادٍ للمراحل السّابقةِ
التي تجدُ كافّة الأطرافِ الدوليَّةِ والإقليميَّةِ نفسَها - باستثناء النِّظَام
وإيران – أنَّها أمامَ تحدِّ عامل الوقت لاسيّما بما يتعلقُ بالاستحقاقِ الرئاسيّ
الأمريكيِّ الذي إذا ما دَخلَ ولم يَحْصلِ الاتّفاقُ المرْجوّ من الطَّرفيْن لن
تكونَ أمامَه فرصةٌ أخرى بالظّروفِ المُتاحةِ والمُساعدة نفسها اليوم، وستكون في
المُقابلِ القضيَّةُ تحت رَحَى صراعٍ دوليٍّ وإقليميٍّ ومحليٍّ طويل الأجلِ لنْ
تُحدَّدَ معالم نهايته في القريبِ العاجلِ!.
فإذا
كانت مُجرياتُ الأحداثِ الميدانيّة والسياسيّة للقضيّة السوريّة تسيرُ اليومَ على
وقْعِ إرهاصاتِ الاتّفاق الأمريكيّ الروسيّ وما تمَّ تسريبُه إعلاميًّا منه إلى
غاية الآن، فإنّها بلا شكٍّ على موعدٍ لبدءِ مرحلةٍ جديدةٍ من المُرجّح أنهّا
ستنطلقُ مع بداية الشهر المُقبلِ لتكونَ تحت رحى القضايا الثَّلاث التي يُعمَل على
إنجاز الاتفاق حولها بين الجانبين اليوم الثلاثاء وغدا - 26 و27 من تموز الجاري - وتجعل جميع
الأطراف أمام واقعٍ يفرض عليهم اتخاذ قرارات مصيريَّة حاسمة تبعًا لتغير صورة
المشهد الميداني والسياسي الجديد!.

الإبتساماتإخفاء الإبتسامات