علاقة اليهود مع غير اليهود
الدكتور جبر الهلّول
قبل التفكير في إقامة علاقة مع اليهود، وتوقيع
اتفاقيات سلام معهم، يجب أن نعرف حقيقة نظرة اليهودي للآخر غير اليهودي، وهل هناك
إمكانية في الأصل أن تقام علاقة متكافئة معهم، من حيث العلاقات الإنسانية وما
تتطلبه من تعاون واحترام وحسن نية، تجعل العلاقات بين الطرفين علاقات طبيعية؟. وهل
حقاً ما يطالب به اليهود المغتصبين لفلسطين من إقامة تطبيع مع الدول العربية يندرج
ضمن المطالبة بعلاقات إنسانية كما هو الأصل في علاقات البشر مع بعضهم عندما لا
يكون هناك اعتداء بينهم، وكل ملتزم بواجباته وحقوقه؟ لكن الأمر بالنسبة لليهود في
فلسطين جد مختلف، فالبشر جميعاً ـ باستثناء اليهود ـ هم طرف واحد من حيث التكوين
والمكانة الإنسانية، أما بالنسبة لليهود فإن هناك في التكوين البشري طرفين
متباعدين في التكوين والمكانة، وهذا ما يجعل إقامة علاقات إنسانية متكافئة بينهما
أمراً مستحيلاً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن اليهود اليوم هم غزاة ومحتلون
غاصبون، أتوا من جميع أصقاع الأرض، وأقاموا كياناً استعمارياً لهم في نسيج الأمة
التي انتهكوا حقوقها وسلبوا جزءاً مقدساً من أرضها، وسفكوا دماء غزيرة عزيزة من دماء
أبنائها. ومع ذلك، نجدهم يتحدثون عن السلام، ويطالبون في إقامة علاقات طبيعية
معهم!!. فأي سلام يريدون؟ وأي علاقات طبيعية يقصدون؟ ولا يمكن الإجابة على ذلك ما
لم نتعرف على حقيقة علاقة اليهود بغيرهم من غير اليهود، من خلال فكرهم الديني الذي
يؤمنون به ويقدسون نصوصه التي يستمدون شرعيتهم فيما يقومون به منها.
فاليهود في فكرهم الديني هم "شعب الله المختار"الذي
منحهم الصورة البشرية على سبيل الاستحقاق الذاتي لها والتكريم لهم.([1])
وهذا الاختيار غير المبرر جعل من باقي الشعوب أو الأمم أو ما نسميهم "الأغيار"
مبعدين ومطرودين من رحمة الله!.
وهؤلاء
الأغيار هم في التوراة "الغوييم" ،و«لا يستطيع غير اليهودي أن يفهم
التوراة فهماً صحيحاً ما لم يدرك تماماً معنى ومدى شمول الكلمة العبرية "غوي"
وجمعها "غوييم".
وترجمت هذه الكلمة في النص الإنكليزي إلى الأمم أو الشعوب
وهم غير اليهود …ولئن كانت هذه الترجمة صحيحة حرفياً. إلا أنها لا تعطي القارئ غير
اليهودي ردة الفعل العاطفية المثيرة التي تخلقها[تحدثها] كلمة "غوييم" في
الذهن الفريسي. وحسب الظروف أو النصوص المستعملة بها، تعني كلمة "غوييم"
بالنسبة لليهودي، تارة العدو العالمي المكروه، وطوراً السعادين الحليقة المحتقرة.
أو قطيع الغوييم الغبي، أو الإرث الذي وعدهم به يهوه».([2])
وقد اقترنت كلمة "غوييم" في عقول اليهود بالدونية والاحتقار
لغيرهم.([3])
وأصبحت عقيدة الاختيار هذه سلوكاً وتعاملاً مع الغوييم وفق المنهج الذي رسمه لهم فكرهم
الديني القائم على التاناخ (التوراة والكتب والنبيين) والتلمود قديماً ومن ثم
بروتوكولات حكماء صهيون حديثاً.
فالنصوص
الواردة في كتب اليهود التي توضح مكانة "الغوييم"وكيفية التعامل معهم
كثيرة جداً نذكر منها ما يفي بالغرض:
-
فالغوييم عند اليهود بهائم وكفرة، وهم يعتقدون أن إلههم قد منحهم الصورة البشرية
لكي يستأنسوا بهم ويسهل عليهم تسخيرهم بهذا التشابه في الشكل.([4])
فعندما ذهب إبراهيم (عليه السلام ) ليذبح ابنه"فقال لخادميه:انتظرا أنتما هنا
مع الحمار، وأنا والصبي نذهب إلى هناك فنسجد ونرجع إليكما".([5])
فالخادمان بمنزلة الحمار لأنهما خلقا من طينة حيوانية.
-
ليس للغوييم حق الاستقرار والعيش في أرض الخيرات لأن هذا من حق الشعب المختار
فحسب. وقد تكفل الرب بطردهم وتشريدهم فقال الرب لموسى: «قم من هنا واصعد، أنت
والشعب الذي أخرجتهم من أرض مصر، إلى الأرض التي أقسمت أن أعطيها لنسل إبراهيم واسحق
ويعقوب.
وأنا
أرسل أمامك ملاكاً أطرد الكنعانيين والأموريين والحثيين والفرزيين والحويين
واليبوسينن من تلك الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً»([6]).
-
لا يجوز لليهود أن يأكلوا من ذبائح الغوييم ولا أن يتزوجوا من بناتهم ولا معاهدتهم
«لا تسجدوا لإله آخر لأني الرب إله غيور،لا تعاهدوا سكان الأرض لئلا يدعونكم حين
يعبدون آلهتهم ويذبحون لهم فتأكلون من ذبائحهم، ولئلا تأخذوا من بناتهم لبنيكم ،
فيجعلنهم يعبدون آلهتهن التي يعبدنها»([7]).
-
يوصي الرب اليهود بطرد الغوييم من بينهم لاستحالة العيش المشترك، فيقول : «إن لم
تطردوا أهل الأرض من أمامكم، يكونوا من تبقونه منهم كمخرز في عيونكم وكشوكة في
خواصركم،يضايقونكم في الأرض التي أنتم مقيمون بها.فأفعل بكم كما نويت أن أفعل بهم»([8]).
فعقيدة الاختيار وميراث الأرض تقوم على اقتلاع الآخرين من
أرضهم وإلغاء وجودهم بالاستئصال التام لهم، وذلك كي تستقر الأمور لهم، ويقدروا على
التمتع بالخيرات التي حصلوا عليها([9]).
- ويفرض الرب على شعبه الانعزال عن الآخرين والعيش في
"جيتو "شريعة موسى (عليه السلام) فقال لهم: «فتشددوا في أن تحفظوا جميع
ما هو مكتوب في كتاب شريعة موسى وتعملوا به ولا تحيدوا عنه يميناً ولا شمالاً.ولا
تختلطوا بهذه الأمم الباقية معكم..»([10]).
وقد غضب الرب على سليمان لأنه خالط الأمم الأخرى وأخذ منهم زوجة: «وأحب الملك سليمان
فضلاً عن ابنة فرعون نساء غريبات من المؤابيين والعمونيين…ومن الأمم التي عناها
الرب في قوله لبني إسرائيل: لا تختلطوا بهم، ولا يختلطوا بكم فهم يميلون بقلوبكم
إلى آلهتهم،فتعلق بهن سليمان حباً».([11])
-
وبهذا الاختلاط يتنجس (النسل الطاهر للشعب المختار)،ويعتبر خيانة لوصايا الرب وقد
وقع مثل هذا الفعل أيام عزرا، حيث قال: «..أقبل بعض أعيان الشعب إلي يقولون: شعب
إسرائيل والكهنة واللاويون لم يفصلوا أنفسهم من شعوب هذه الأرض من الكنعانيين
والحثيين والفرزيين واليبوسيين والموآبيين والمصريين والأموريين، فمارسوا أعمالهم
الرجسة واتخذوا من بناتهم زوجات لهم ولبنيهم، فاختلط نسلهم الطاهر بتلك الشعوب،
وكان أعيان الشعب وحكامه أول من ارتكب هذه الخيانة … والآن فلا تعطوا بناتكم
لبنيهم ولا تأخذوا بناتهم لبنيكم، ولا تطلبوا سلمهم ولا خيرهم إلى الأبد،فينقطع
نسلهم وتأكلوا خيرات الأرض وتورثوها نسلكم مدى الدهر»([12]).
- اختار الرب شعبه
من بين الشعوب واصطفاهم على قلتهم أمّا الشعوب الأخرى على كثرتها فقد سخط عليها الرب
وأحل سفك دمها، وخاطبها : «اقتربوا واسمعوا أيها الأمم ! وأصغوا إلي أيها الشعوب !
لتسمع الأرض وكل من فيها، العالم وكل من يخرجه.
الرب غاضب على الأمم ساخط على كل جيوشهم، فحلل سفك دمائهم، ودفعهم دفعاً
إلى الذبح، فتطرح قتلاهم في الشوارع ويفوح النتن من جيفهم. تسيل الجبال من دمائهم، ويفنى كل جند السماء»([13]).
ويحدد
الرب مهام الغوييم بالنسبة لأسيادهم اليهود، الذين نالوا حق اغتصاب أملاك الشعوب
والتفاخر بها أمام المغتصبين،فقال : «الأجانب يرعون غنمكم ويكونون فلاحيكم
وكراميكم، تدعون كهنة الرب وتسمون خدمة إلهنا. تأكلون خيرات الأمم، وباغتصاب
أمجادهم تفتخرون. .ستملكون في أرضهم مضاعفاً ويكونون فرحكم مؤبداً.فأنا الرب أحب
العدل!» ([14]).
فهذه نظرة اليهود للغوييم من خلال "التاناخ"
(التوراة والكتب والنبيين)، أما ما ورد في التلمود بخصوص الغوييم فإنه يبدو أشد
قساوة وأكثر وضوحاً في رسم العلاقة بين الطرفين الشعب المختار والغوييم، فقد ورد
في التلمود:
-
«نحن شعب الله في الأرض، سخر لنا الحيوان الإنساني، وهو كل الأمم والأجناس سخرهم
لنا لأنه يعلم أننا نحتاج إلى نوعين من الحيوان. .نوع أعجم كالدواب والأنعام
والطير، ونوع كسائر الأمم من أهل الشرق والغرب. .إن اليهود من عنصر الله، كالولد
من عنصر أبيه. ومن يصفع اليهودي كمن صفع الله. يباح لإسرائيل اغتصاب مال أي كان.
وإن أملاك غير اليهودي كالمال المتروك يحق لليهودي أن يمتلكه»([15]).
-
«إن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان»([16]).
–«وقال الحاخام
(أبار بانيل): المرأة غير اليهودية هي من الحيوانات.وخلق الله الأجنبي على شكل
الإنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم، لأنه لا يناسب لأمير
أن يخدمه ليلاً ونهاراً حيوان وعلى صورته الحيوانية. كلا ثم كلا فإن ذلك منابذ
للذوق والإنسانية كل المنابذة. فإذا مات خادم ليهودي أو خادمة، وكانا من
المسيحيين،فلا يلزمك أن تقدم له التعازي بصفة كونه فقد إنساناً، ولكنه بصفة كونه
فقد حيواناً من الحيوانات المسخرة له»([17]).
-
«لا قرابة بين الأمم الخارجة عن اليهود لأنهم أشبه بالحمير. ويعتبر اليهود بيوت
باقي الأمم زرائب للحيوانات».([18])
-
«اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض الأجنبية لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد
لأن المرأة غير اليهودية تعتبر بهيمة والعقد لا يوجد بين البهائم»([19]).
-
«المخلوقات نوعان، علوي وسفلي. العالم يسكنه سبعون شعباً بسبعين لغة. إسرائيل صفوة
المخلوقات،واختاره الله لكي تكون له السيادة العليا على بني البشر جمعياً،سيادة
الإنسان على الحيوان المدجن»([20]).
-
تكاثر الغوييم يهدد وجود اليهود!!فقد جاء في "زوهار" أنه: «إذا اقتصر
الجماع الجنسي على الوثنيين فقط، فإنه لا يمكن للعالم أن يستمر في الحياة. من هنا
نتعلم أن على اليهودي أن لا يفسح مجالاً لهؤلاء السيئي السمعة السارقين …لأنهم إن
تناسلوا بأعداد ضخمة إذ ذاك يستحيل علينا الاستمرار في الحياة مع وجودهم، فهم
ينجبون رضعاً مثل الكلاب »([21]).
- لا يجوز لليهودي أن يخضع لقانون
الغوييم ولو كان الحكم مشابهاً لقانون الشريعة الموسوية ولهذا ورد: «لا يجوز
لليهودي أن يرفع دعواه أمام قضاة آغوم، حتى ولو كان قد فصل القانون اليهودي في هذه
القضية من قبل، بل وحتى لو وافق كلا الفريقين المتنازعين على تحمل نتائج مثل هذه
الأحكام القضائية. من يفعل ذلك هو غير تقي
عاق، ويشبه المفتري …على الله، وهو يرفع يده إلى أعلى ضد القانون الذي منحنا إياه
موسى، المشرع العظيم»([22]).
ونظرة
اليهود هذه تشمل كل من هو غير يهودي دون استثناء، أو تفريق بين مسلم أو مسيحي فقد
أكد (إسرائيل شاحاك) وجود مقاطع معادية جداً، ووصايا موجهة ضد المسيحية في التلمود
والأدب التلمودي، فقال:«على سبيل المثال، إضافة إلى الاتهامات الجنسية البذيئة ضد
يسوع، ينص التلمود على أن عقوبة يسوع في الجحيم هي إغراقه في غائط يغلي – وهي
عبارة لا تجعل التلمود مقبولاً من المسيحيين المؤمنين- كما يمكن التذكير بالوصية التي يؤمر اليهود
بموجبها بإحراق أي نسخة من الإنجيل، علانية إذا أمكن، أن تقع بين أيديهم. هذه
الوصية ليست موجودة في الوقت الراهن وحسب، بل وتمارس أيضاً. ففي الثالث والعشرين من مارس 1980، أحرقت مئات
من نسخ الإنجيل علانية وبصورة احتفالية في القدس تحت رعاية "ياد لعاخيم"،
وهي منظمة دينية يهودية تتلقى المعونات المالية من وزارة الشؤون الإسرائيلية »([23]).
أما
بحث علاقة اليهود بالأغيار من خلال بروتوكولات حكماء صهيون ـ التي لم يعترف بها
اليهود، لكن في الكتب التي يعترفون بها تغني بحد ذاتها في الموضوع ـ فإننا ندرك
على الفور من قراءتها قراءة متأنية أن خططها الافسادية تستهدف شعوب العالم كلها من
"الأغيار"([24]).
ومن جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والدينية،ليصبح العالم
كله في خدمة اليهود،وتحت سيادتهم وسيطرتهم. وما كانت هذه الخطط إلا تعبير عن
استعلائهم باعتبارهم شعب الله المختار،وأن الشعوب الأخرى "غوييم". وما أنتجت
عبقريتهم هذه الخطط إلا من خلال التربية التوراتية والتلمودية التي نشئوا عليها.
فأصبحوا مناوئين لكل ما يخططه الأغيار لتنظيم أمورهم([25]).
فالبروتوكولات على خطى التلمود :هناك بشر حقيقيون وهناك
حيوانات على هيئة البشر لخدمتهم، وهؤلاء هم الكثرة الذين لا ينفع معهم إلا العنف
والإرهاب ! وقد جاء في البروتوكول الأول: « يجب أن نذكر أن أصحاب الغرائز المنحطة
هم أكثر عدداً من أولئك الذين يتمتعون بشعور نبيل، وبالتالي فإن أفضل طريقة للحكم
هي العنف والإرهاب وليس النقاش الأكاديمي». وطبعاً النقاش
الأكاديمي لا يكون إلا بين عقلاء!. والغوييم لا ينفع معهم إلا القوة التي تروضهم
باعتبارهم حيوانات وحشية، ولهذا يتساءل: «ما الذي روض الحيوانات الوحشية التي
نسميها "ناساً" وما الذي سيطر عليهم حتى اليوم؟.
في
الفترات البدائية من الحياة الاجتماعية خضعوا للقوة العاتية والعمياء، وبعد ذلك
خضعوا للقانون الذي هو القوة ذاتها في مظهر آخر.ومن هذا أستنتج، وفقاً لقوانين
الطبيعة، أن الحق يكمن في القوة».
فاليهود
هم "شعب الله المختار"،فالذكاء والعبقرية حكر عليهم بينما الغوييم أصحاب
الأدمغة البهيمية لا يمكن أن تشارك في
حكومتهم العالمية، : «وبديهي أن أعضاء حكومتنا هؤلاء، أصحاب المواهب، لن يؤخذوا من
صفوف الغوييم الذين قد اعتادوا على القيام بأعمالهم الإدارية من غير أن يهتموا بنتائجها،
ومن غير أن يسألوا أنفسهم عن الغاية التي اقتضت وجودهم حيث هم. إن الغوييم
الإداريين يوقعون على الأوراق من غير أن يقرؤوها وهم يعملون بدافع المنفعة أو
التباهي. وذلك لأن أدمغة الغوييم البهيمية المحصنة غير قادرة على تحليل الأمور وملاحظتها
لا بل غير قادرة على رؤية ما سيؤدي إليه تطور مبدأ معين.
وبفضل
هذا الاختلاف في محاكاة الأمور بيننا وبين الغوييم يظهر بوضوح طابع عقلية المختار
من الله بمقارنتها بعقلية الغوييم الفطرية البهيمية. إنهم يبصرون ولكنهم لا يدركون
العواقب، وهم ليسوا بقادرين على أن يبتدعوا غير الأشياء المادية فمن البديهي، إذن، أن تكون الطبيعة قد أوجدتنا لكي نكون حكاماً
وقادة للعالم».
إن
الغوييم بمنظور اليهود هم حيوانات متوحشة، ولكن عندما تنكشف الحقيقة يبدو الأمر
معكوساً،وهذا ما صرحوا به البروتوكول الحادي عشر، عندما قالوا: «إن الغوييم أشبه
بقطيع من الخراف ونحن الذئاب ولا يخفى
عليكم ما يحصل حينما تدخل الذئاب الحظائر».
فما
تقوم به الذئاب البشرية ليس سلوكاً غريزياً، بل عملاً منظماً له مبرراته
الدينية.ولهذا القتل أمر واجب عند التمكن من فعله. وقد جاء في التلمود: «اقتل
الصالح من غير الإسرائيليين، ومحرم على
اليهودي أن ينجي أحد من باقي الأمم من الهلاك،
أو يخرجه من حفرة يقع فيها،لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين، ومن
العدل أن يقتل اليهودي بيده كل كافر، لأن من سفك دم الكافر يقرب قرباناً لله »([26]).
وهذا العمل كما يقولون: «الأضحية الوحيدة المفروضة هي إزالة النجسين من وسطنا»([27]).
و"من يقتل مسيحياً أو أجنبياً أو وثنياً يكافأ بالخلود في الفردوس والجلوس هناك
في السراي الرابعة، أما من يقتل يهودياً فكأنه قتل العالم أجمع، ومن تسبب في خلاص
يهودي فكأنه خلص الدنيا كلها»([28]).
وقد
نشرت جريدة (هاآرتس) الإسرائيلية مقالاً بعد عملية عناقيد الغضب عام 1996 قالت فيه
ما نصه: «لقد قتلنا أماً في النبطية وأطفالها السبعة الذين دفنوا معها تحت
الأنقاض، قتلنا الطفلة زينة ابنة الشهرين لأننا لا نهتم بقتلهم، والحرص على حياتهم
ليس من الأمور التي نوليها الأهمية أو الأولوية،
لقد قتلناهم، لأن الفرق شاسع بين الاهتمام الضخم بحياتنا وهو اهتمام يصل
إلى حد التقديس وبين عدم الاهتمام بأرواحهم لأننا مقتنعون بدرجة لا تقبل الشك أن
حياة الآخرين ليست لها أية قيمة لدينا".
هكذا
هي علاقة اليهود بالأغيار قديماً وحديثاً،
ولن تتبدل حتى يبدل اليهود جلودهم، وينسفوا معتقداتهم، ويصبح اليهودي غير
اليهودي. وعندئذ يحكمون على أنفسهم بالتخلي عن استعلائهم على الشعوب وأنصهارهم
بينهم. وهذا لن يحصل أبداً لأن في عقيدتهم حق البقاء لهم وحدهم، ولغيرهم الفناء.
ولذا ستبقى الحرب قائمة بكل وسائلها بينهم وبين الأغيار، ولن تنتهي بالعهود
والمواثيق، ومعاهدات السلام، ومزاعم الرغبة في التطبيع التي لها معان مختلفة في
عقليتهم، تختلف كل الاختلاف عما تعارف عليه البشر في علاقاتهم الإنسانية كأفراد،
وفي علاقاتهم الدولية كمجموعات بشرية لها كيانات سياسية وبخاصة أن تلك المعاني
مرتبطة أشد الارتباط بالأهداف الاستعمارية المنبثقة من فكرهم الديني التي لم يتحقق
منها إلا جزء يسير فقط. وتلك الأهداف تتعارض من حيث جوهرها ومتطلبات تحقيقها مع
إقامة أية علاقة سلام أو تطبيع وفق المنهج والمفهوم الإنساني السليم الذي يستند
على الحق والعدل والتساوي في جميع روابطه.

الإبتساماتإخفاء الإبتسامات