سوريا جديدة (1)
"الدولة
الصعبة"
ملامح "دولة الثّورة" السوريّة القادمة .. تحرير المُحرّر..!!!.
الدكتور جَبْر الهلُّول
أعلنَ
المُتحدّثُ باسم تحالف "العزم التام" الذي تقودُه الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ
ضدَّ تنظيمَ الدولة "ستيف وارن" في (24/5/2016): "إن "قوُاَّت
سوريا الديمقراطية" – "قسد" اختصارًا - التي تُدربها أمريكا بدأتْ بعمليةٍ
للسيطرة على مناطق شمالِ مدينة الرقة التي تُعتبرُ عاصمة التنظيم في سوريا".
وتجدرُ الإشارةُ هنا، أنَّ تحالفَ "العزم التام" هو عنوانُ الحملة التي
تقودُها أمريكا ضدَّ التنظيم في العراق منذ (15/10/2014) وكذلك جاءتْ حملتُ
قوُاَّت التحالف الدولي في القصفِ الجويِّ ضدَّ التنظيم في سوريا في (7/8/2015)
تحت الاسم نفسه، لهذا ما أعلنه "ستيف وارن" عن بدءِ العملية البرية في
سوريا ضدَّ التنظيم جاء ضمنَ الاستراتيجية الأمريكية التي تَعملُ عليها في العراق
وسوريا ومُكمّلة لها جاعلة من محاربة الإرهاب أولًا عِنوانًا عريضًا تتحرك تحته بالمنطقة التي تعمل
على رسم خريطتها الجيوسياسية ومعالمها المستقبليّة، حيث تُدير الّلعبة الكُبرى
وتترك تنفيذ تفصيلاتها إلى اللاعبين الإقليمين والمحلّيين.
إنَّ اعتمادَ
التحالف الدولي على "قسد" في الحربِ البريّة كأحد اللاعبين المحليين
الذي له تطلعاته المُستقبليّة لتحقيق نزعة السيطرة والسلطة المثقلة بمظلوميّة
الماضي، جاء بعد اختبارٍ لتلك القوُاَّت في ريف الحسكة وسيطرتها على مواقع تنظيم
الدولة فيها وبخاصةٍ المنطقةُ المحاذيةُ إلى الحدود التركية التي تقعُ شرقي نهر
الفرات حيث باتتْ تتطلَّعُ إلى غرب نهر الفرات إلى جرابلس ومنبج الأمر الذي كان
يُعتبرُ تجاوزًا للخطوط الحمر التركية من قبل "قسد" التي هي في جوهرُ
قوتها وحدات الحماية الشعبية الكردية (byd) (bkk) في سوريا،
وما جاءتْ هذه التسميةُ "قوات سوريا الديمقراطية" إلا تكتيكًا يَخدمُ
الاستراتيجيةَ الأمريكيةَ في المنطقة ولا يراعي حليفتها تركيا فحسب وإنما – وهو
الأهم - يُراعي البنية الديموغرافية لجغرافيةِ المشروع الذي تُرسم خرائطه وتُحدّد
معالمه في المنطقةِ في دقةٍ وهدوءٍ في الوقت الذي يتصاعدُ فيه التدميرُ والقتلُ
والتهجيرُ للشعب السوري كوسيلةٍ لتحقيق ذلك!!.
إن الإعلان عن
"فدرالية شمال سوريا" في (17/3/2016) لم يكن مُنْفصلًا عن مجرياتِ
الأحداث التي تَجري في سوريا والمشروع الذي أصبحت قاعدته الجغرافية في الشمال
السوري، لذا لمْ يكنِ الإعلانُ إلا مرحلةً مُتدرّجة سبقها تشكيلُ القوة العسكرية
الضاربة لها (قسد) التي وقعَ على عاتقها تأمينُ المساحة الجغرافية والسيطرة عليها
وانتزاعها بقوةِ التحالف الدولي ودعمه ومشاركته العسكرية الجوية والبرية من تنظيمِ
الدولة تحت مسمى "محاربة الإرهاب" الأمر الذي تُرجم عمليًّا وعلنيّا مع
بدايةِ المرحلةِ الثالثةِ وذلك ببدءِ الحرب البرية التي عنوانها: معركة
"تحرير شمال الرقة" التي جُعِلَ منها هدفًا مرحليًّا مُؤجّلًا حيثُ
سرعان ما انتقلتْ مجرياتُ الأحداث العسكرية إلى غرب نهر الفرات حيثُ أًعْلنت معركة
"تحرير منبج" من قبل المجلس العسكري لمدينة منبج المسمى الإضافي إلى
"قسد" وذلك ضمنَ منهجيةِ التكتيكات والمسميات التي تُراعى فيها علاقة
الجغرافيا بالديموغرافية ضمنَ المشروع المرتبط "بفدرالية شمال سوريا"
التي هي جزءٌ من تشكيل وتكوين "الدولة الصعبة" التي تمثلُ (الإسلامَ
السنيَّ المعتدلَ) بتنوعه العرقي في الجغرافية السورية التي ستكون أرض المعارضة
ومكسبها الجغرافي الوحيد في الثورة واقتصارها عليه في الحكم والإدارة ليس لأنها
سبق وقد حررتها من يد النظام قبل أن يُسيطر عليها تنظيم الدولة وإنما لدورها
العسكري في محاربة التنظيم وانتزاعها منه مرة أخرى، وإخراج أو إبعاد التنظيمات
المُصنفة إرهابيًّا عن المناطق الأخرى المحررة!.
تلك الصورةُ
الكليةُ "للدولة الصعبة" قد تَبدو اليومَ غيرَ واضحةِ المعالم والحديث
عنها فيه شيء من الخيالِ لأنَّ المشروعَ الذي يقومُ على الأرض يَعتمدُ على إنجاز
الجزئيات الصغيرة من هذه الصورة الكلية الكبيرة التي ستكتملُ في يومٍ ما رويدًا
رويدًا وتتضحُ معالمها بحسبِ إنجاز تلك الجزئيات ووضعها بمكانها المخصص لها فيها
الصورة!.
فتشكيلُ قواّت
سوريا الديموقراطية وإعلانُ الفدرالية ومن ثم إعلان معركة الرقة وإعلان معركة منبج
وتشكيلُ مجلس العسكري لمنبج والذي سيتبعه تشكيلُ مجالس أخرى لا تعدو كونها أجزاءً
من الصورة الكلية للدولة الصعبة في شرق أوسط جديد، وما يَجري في مدينة حلب وريفها
لا ينفصلُ عن ذلك ضمنَ الصراع الدولي والإقليمي الذي مِن المرجحِ أنه ستكونُ حلبُ
في نهايتها جزءًا من الحلِّ ضمنَ الدولة الصعبة لهذا يحرصُ الحلفُ الثلاثيُّ
(روسيا وإيران والنِّظَام) أصحابُ مشروع "الدولة المفيدة" المقابلة
"للدولة الصعبة" أنْ تكونَ حلبُ دولةً جزءًا من دولةٍ غير مفيدة من خلال
القتل والتدمير والتهجير ومحاولة احتلالها أو حصارها لفرضِ مساوماتٍ مستقبلية
قادمة تكون فيها روسيا خاصة لها مشاركةٌ
أو تنسيقٌ أو حصةٌ تَضمن مَصالحها في الشرق الأوسط الجديد.
إن "الدولة
الصعبة" لا تعتمد في قيامها على تحرير مساحات جغرافية إضافية من النظام وإنما
تعتمد على ما تم تحريره أولًا ومن ثم تمت السيطرة عليه من قبل تنظيم الدولة أو
تداخلت في السيطرة عليه فصائل مُصنفة إرهابيًّا، أي باختصار أرض "الدولة الصعبة" هي التي يتم انتزاعها من "الإرهاب" وتفريغها منه وإدارتها بشكل
مستقل عن النظام ضمن أنظمة وقوانين محلية تراعي المكونات الإثنية فيها ضمن مظلة
ناظمة كبرى تشرف على ذلك. من خلال خطة تجريبية ستُطبّق لأول مرة في سوريا كنموذج
جديد قابل للنجاح والفشل، وربما ستكون مدينة منبج بعد انتزاعها من تنظيم الدولة
نواة مشروع "الدولة الصعبة" التي تخاض معاركها وتوضع خطط إدارتها وتتشكل
الآن!.

الإبتساماتإخفاء الإبتسامات