حِلفُ
العدْوان الثّلاثيّ (روسيا -إيران- النظام)
على
الشّعب السوريّ إلى أين؟!!.
الدكتور
جبر الهلّول
الْتَقى - بدعوةٍ من
إيران- وزيرُ الدفاعِ الرُّوسِيُّ والنِّظَام والإيراني في طهران حَيْثُ من
المعروفِ أنَّ إيران كانَ لها دورٌ كبيرٌ وراءَ التدخلِ العسكريِّ الرُّوسِيّ
المباشرِ في سوريا بعدما أوشكَ النِّظَامُ على السقوط، حَيْثُ وَفقَ المعلوماتِ
المتقاطعةِ أنها طلبتِ الدَّعمَ الجويَّ الرُّوسِيَّ مقابلَ أنْ تتكفَّلَ هي
والنِّظَامُ العملَ العسكريَّ البريَّ على الأرضِ ضمنَ خطةٍ تضمنُ إعادةَ السيطرةِ
على جميعِ الأرض المحررة في فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ ربَّما كان عمرُها مُحددًا
بثلاثةِ أشهر الفترة التي أعلنها الرُّوسِيُّ عن مهمَّةِ قُوَّاته في سوريا بداية،
الأمر الذي وجدَه الرُّوسُ بعد تدخلهم مخالفًا للتصورِ الذي قدَّمه الإيرانيون
والنِّظَامُ عن الواقعِ العملياتي على الأرض، حَيْثُ لمْ يستطعِ الحلفُ الثلاثيُّ
(الرُّوسِيُّ والإيرانيُّ والنِّظَامُ ) على الرغمِ من دفعِ الإمكانياتِ العسكريةِ
الكبيرةِ على الأرض السورية لصالح النِّظَام أن يحقق تقدمًا استراتيجيًّا يعادلُ
حجمَ القوةِ التي دفع بها مقابلَ القوة العسكرية التي تمتلكُها الفصائلُ العسكريةُ
على الأرض، بل إنَّ روسيا وجدتْ أنَّ التقدمَ الذي حصلَ للحلف الثلاثي على الأرض
لا يستطيعُ الحفاظَ عليه كما حصلَ في ريف حلب الجنوبي حَيْثُ أخذ جيشُ الفتح زمامَ
المبادرة بالتقدم واسترجاعِ الكثير من النقاطِ الاستراتيجيةِ وإلحاقِ خسائرَ بشريةٍ
كبيرةٍ بخاصةٍ في القُوَّاتِ الإيرانية والمليشيات الشيعية حَيْثُ باتَ يُسمى ريفُ
حلب الجنوبي "مقبرةَ الإيرانيين" على الرغمِ من الدعم الجوي الرُّوسِيّ
الذي اعتمَدَ منذ أكثر من شهرين سياسَةَ الأرض المحروقة في حلبَ من دونِ إنجازٍ أو
اختراقٍ يُذكرُ على أي من جبهاتها، مع أنَّ الفصائلَ المقاتلةَ كانت تُقاتلُ على
جبهاتٍ عدةٍ في حلب وريفها وأعداء عدة في التوقيت نفسه، حَيْثُ كانَ هناك تنظيمُ
الدولة ووحداتُ الحماية الشعبية الكردية وبالإضافة إلى الحلفِ الثلاثي هناك
مليشياتٌ متعددةُ الجنسيات تعملُ لصالح هذا الحلف.
لا شكَّ أنَّ هذا المشهدَ
الميدانيَّ في حلب كان كافيًا لأنْ يجتمعَ وزراءُ حلف العدوان الثلاثي على سوريا
لتقييمِ الوضعِ العسكري على الأرض السورية وهزائمهم وخسائرهم فيها لاسيَّما أكثر
من شهرين من القصفِ المستمرِّ والمحاولاتِ المتكررةِ لاقتحامه التي عجزتْ حتى عن فرضِ
الحصارِ على المدينةِ من خلالِ السيطرةِ على طريق الكاستيللو في مسافةٍ لا تتجاوزُ
ثلاثةَ كيلو متر فقط. لكن كيفَ إذا أضيفَ إلى هذا المشهد الذي اقتنع الرُّوسِيّ
أنَّ النِّظَامَ ومَن معه غيرُ قادرٍ على التقدم إلى مدينةٍ واحدةٍ وإدارتها مع
وجود الطيران الرُّوسِيّ المستمر؟ وكيف إذا توقَّفَ هذا الطيرانُ وانسحبَ فعلًا من
سوريا فإنَّ المناطقَ التي تقدَّمَ إليها النِّظَامُ والإيرانيون حتى لو كانتْ حلب
بكاملها - فيما بعد - لنْ يستطيعوا الثباتَ والبقاءَ فيها لوقتٍ طويلٍ؟ وكيف
،أيضًا، بعد إعلانِ التحالف الدولي معركة الرقة حَيْثُ حقَّقَ تقدمًا كبيرًا في
ريف حلب الشرقي في خطوةٍ تكتيكيةٍ سابقةٍ لمعركة مدينةِ الرقة ستؤدي إلى إضعافِ
دور تنظيم الدولة في مشاغلةِ الفصائلِ العسكرية عن مقاتلة النِّظَام؟ وكيفَ لو
أصبحتْ هناك منطقةٌ آمنةٌ للمدنيين تحت حماية التحالف الدولي حَيْثُ تكفي هذا
الخطوةُ أنْ تُلحقَ فشلًا ذريعًا للحلف الثلاثي في سوريا لأنها أخرجتْ مساحةً
جغرافيةً من استراتيجيتهم العسكرية تشكل تحديًّا لهم من جهةٍ، وتفرض واقعًا
"جيوبوليتيكيًّا" جديدًا من جهة أخرى،
تعملُ أمريكا على رسم خارطته ضمن حلفٍ كبيرٍ لا يقارن بالحلف الثلاثي؟.
إنَّ القارئ للمشهدِ
العسكري والسياسي على الأرض يجد أنَّ اللعبةَ في الصراع على سوريا وفي سوريا أكبر
حتى من اللاعبين الكبار الدوليين والإقليمين أو أقله أشد تعقيدًا على أجندةِ كل
لاعب فيها، ولا شكَّ أنَّ هذه اللعبةَ ليس على أجندتها تلك الفصائل ولا ثوريتها أو
إخلاصها أو هدفها بقدر دورها في خدمة هذه اللعبة. لهذا إنَّ متغيراتِ المشهد
العسكري والسياسي بعد إعلان معركة الرقة أدخلتِ الحلفَ الثلاثي ضمن متغيراتٍ
استراتيجيةٍ جديدةٍ كان يعملُ من خلال محادثاتٍ جنيف أنْ يثبت الهدنة لتصبح تحت
رقابة دولية تشتركُ فيها أمريكا للمحافظة على الإنجازات التي حقَّقها ويضمن إذا ما
أعلنتْ روسيا من سحبِ طائراتها أنْ لا تخسرها بأسرع ممَّا حصلت عليها، وأن تدخل بها العملية
السياسية من مبدأ القوة التي تسقط الثورة وتعيدُ إنتاجَ النِّظَام فإذا بها تجد
نفسها قد دخلتْ في دائرةٍ أكبر وأنَّ حلَّ القضيةِ السورية باتَ مرتبطًا بحركة هذه
الدائرة الكبيرة!.
على أيةِ حال، أيامٌ
قليلةٌ فقط، أو أسابيعٌ قليلةٌ تفصلنا عن تغييرٍ كبيرٍ في المشهد الميداني في
الشمال السوري وذلك بخروجِ تنظيمِ الدولة منه، وستكونُ هذه المعركةُ نقطةَ تحولٍ
هامَّةٍ في مسيرةِ الصراع في سوريا وعلى سوريا، وبخاصةٍ في حلب وريفها، فهي إمَّا
ستكونُ نقطةَ تحولٍ في التنسيق التركي – الأمريكي، ومن خلفه العربي – الكردي، أو
أنها ستكونُ نقطةَ افتراقٍ، والبدء بسيناريوهاتٍ جديدة في هذه المنطقة المهمة وفي
سياقِ هذه السيناريوهات أجرى وزراءُ حلف العدوان الثلاثي على سوريا لقاءهم في
طهران!!.

الإبتساماتإخفاء الإبتسامات