من مشكلاتنا الحضارية
الولادات المشوهة تكوينيًّا
لخطوط الدفاع عن
الأمة
أعتمد المنهج النبوي
في بناء الجماعة المسلمة فكريًّا أولاً لتحصينها، ومن ثم أصبحت هذه الجماعة بحاجة لمن
يقودها لكي يقوم بهمة الإشراف على تطبيق الدين وحمايته فيها فكانت قيادة النبي صلى
الله عليه وسلم القيادة السياسية التي لابد أن تقوم بمهمة القيادة العسكرية أيضًا من
خلال بناء خط الدفاع العسكري المثالي عن الجماعة المسلمة المتمثل بالجهاد في سبيل الله
(ذروة سنام الإسلام). فكانت الجماعة المسلمة هي الحاضنة لهذا الخط والمتنافسة فيما
بينها لتمارس واجبها فيه.
ولهذا لم تكن الجماعة
المسلمة الأولى تعاني مشكلة القيادة وبخاصة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأن
هذه الجماعة قادرة على إفراز القيادة السياسية بسرعة كبيرة فلم تشكوا من قلة الكوادر
– لتبرير الاستبداد واستمرار الإفساد - كما يحدث اليوم عند الحركات والجماعات الإسلامية
التي لم تولد في غالبيتها من داخل الجماعة المسلمة، وإنما تشكلت عسكريًّا تحت مسمى
(الخط الدفاع المثالي) الجهاد في سبيل الله، ثم بدأت تُعيّن قيادتها السياسية من صفوف
الخط العسكري ليكون تابعًا لها، ومن ثم بدأت تصنع بقوة العسكرة وتحت مسميات المثالية
الجهادية الجماعة الحاضنة التي لم تبن في الأصل فكريًّا بما يتناسق مع خط الدفاع المثالي
"المشوه ولادة"!!.
ولهذا كل الحركات
التي نشأت بداية من الخط المثالي (المشوه ولادة) ومن ثم عادت إلى الخلف لتصنع الجماعة
الخاصة بها ابتليت بالتحزب وباءت بالفشل. وهذا بلا أدنى شك مخالف للمنهج النبوي في
بناء الدولة الإسلامية وقيادة الجماعة الإسلامية الأولى التي استطاعت فيما بعد أن توصل
الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها بفضل قيادتها السياسية الموحدة والاحتضان والدعم
المستمر للخط العسكري للجهاد في سبيل الله السبيل الوحيد لتمكينها والدفاع عن دعوتها.
فشتان ما بين المنهج
النبوي وبين من يتشكل عسكريًّا أولا باسم الإسلام ثم ينظر إلى المسلمين من حوله على
أنهم جهلة أو أنهم ليسوا بأصحاب منهج أو أنهم مرتدون كفرة ويجب عليه لكي يكون حاضنته
الخاصة أن يصنعهم بنفسه وفق ولادته المشوهة، وإذا لم يستجيبوا بعد حملات التبديع والتفسيق
والردة لا بد من القهر والإكراه، أو القتل!!!.
فالانفصال والانفصام
بين الحركات والمجموعات المتعسكرة أولاً بزعمها أنها تشكلت لكي تدافع عن الأمة وبين
المجتمعات الإسلامية ناشئ عن ولادة مشوهة جاءت من الرأس وليس من القاعدة ولكن نهايتها
الحتمية هي الموت خنقًا داخل تلك المجتمعات عندما تصل الفم!!!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خربشات قلم رصاص
