فدراليةُ شمال سوريا خطوةٌ استباقيةٌ نحو التقسيم

فدراليةُ شمال سوريا
خطوةٌ استباقيةٌ نحو التقسيم
الدكتور جبر الهلُّول

أولًا: المقدمة:
أعلنت قوىً سياسيةٌ، في مقدّمتها حزبُ الاتحاد الديمقراطي "الكردي"، في اجتماعٍ عُقد بمدينة الرميلان، بمحافظة الحسكة، في 17 آذار 2016، قيامَ "الاتحاد الفدرالي" بين ما سُمِّيَ أقاليم "روج آفا" (غرب كردستان) و"أقاليم شمال سورية". وانتخب المجتمعون لجنةً من 31 شخصًا لوضع أُسس "الفدرالية" خلال ستة أشهر في مؤتمر تأسيسي سيُعقد من أجل تصديقها. ، فالكيانُ الفدراليُّ المذكورُ سيقوم على أساسٍ جغرافيٍّ، وليس على أساس ديموغرافي (إثني). ويُغطي الإقليمُ المنشودُ نحوَ 10% من أراضي سورية وثلاثةَ أرباع حدودها مع تركيا، وتسيطرُ عليه فعليًّا مجموعاتٌ تابعةٌ للاتحاد الديمقراطي[1].
جاء هذا الإعلانُ تزامنًا مع الجولة الأولى من محادثات جنيف3 في 14 آذار الماضي التي اسْتُبعدَ منها صالحُ مسلم، لكن هذه الخطوة جاءتْ أيضًا في سياق تحضيراتٍ فكريةٍ وتنظيميةٍ سابقةٍ كانت تنتظرُ الفرصةَ المواتيةَ للإعلان حَيْثُ كانتِ التصريحاتُ الروسيةُ عن الفدرالية والتصريحات الأمريكية عن التقسيم كحلٍّ في سوريا فرصةً مشجعةً على ذلك، وكانتْ بمثابةِ ردِّ فعلٍ سياسيٍّ على محادثات جنيف التي استُبعدَ منها صالحُ مسلم.
وتأكيدًا على أنَّ إعلانَ الفدرالية كانَ مُخطّطًا له من سابق، وأن واقِعَ الحال على الأرض في سوريا باتَ فدراليًّا من دون إعلان، فهناك قوى سورية تُعِدُّ نفسَها لخيار الفيدرالية نفسِه. فالموقفُ غايةٌ في الصعوبة والتعقيد، وبخاصة أنَّ الدَّولتين الرَّاعيتين للمفاوضات روسيا وأمريكا صرَّحَتا من قبل بالفدرالية والتقسيم كآليةٍ لحلِّ القضية السورية. كما أنَّ دي ميستورا أشارَ إلى الفدراليةِ كبندٍ يمكنُ مناقشته في محادثات جنيف.
إذًا ما بين خرائطِ التقسيم المرسومة بالغرفِ المغلقةِ في موسكو وأمريكا وجنيف وبين رغبةِ أطرافِ الصراع الإقليميين والمحليين ورغبة الشعب السوري في الخلاص يبدو أنّ فرصَ بقاء "سورية القديمة" ضئيلةٌ جدًّا وهناك سوريا جديدةٌ قائمةٌ وإن كانت غيرَ واضحةِ المعالمِ بعد، فإنَّ فدرالية شمال سوريا التي أعلنت هي صورةٌ من عشرات الصورة لمشهدٍ جيوسياسيٍّ متغيرٍ لن يستقرَّ في الوقت القريب.
لكن يمكن القول: إنَّ إعلان "فدرالية شمال سوريا" هو أقصى ما كانَ يتمناه الكردُ قد أصبحَ واقعًا بالفعل، وأنَّ رياحَ التغيير التي أحدثتها الثورةُ جرت كما اشتهوها. وستدفع وفي وقتٍ ما - على الرَّغم من رفضِ المُعَارَضَة والنِّظَام على حدٍّ سواء للفدرالية - إلى دعوتهم للمشاركة في جولات المفاوضات القادمة في جنيف وستكون رياح التغيير في المنطقة بعكس ما يتمناه الرافضون للفدرالية[2].

ثانيًا: تعريف الفدرالية[3]:
أ‌-     التعريف:
الفيدراليةُ نموذجٌ من نماذج الحكم المعمولِ به في بعض الدول المعاصرة، وتعتمدُ نمطًا تنظيميًا ومؤسساتيًا، تتَّحدُ بموجبه وحداتٌ سياسيةٌ مستقلةٌ (دول، ولايات، أقاليم، كانتونات..) في دولةٍ فيدراليةٍ واحدةٍ، على أن تتمتَّعَ كلُّ وحدةٍ باستقلاليةٍ واسعةٍ في تدبير شؤونها، وبهيكليةٍ مؤسساتيةٍ مستقلة تمامًا عن الحكومة الفيدرالية، مع التركيزِ على أنَّ العلاقةَ بين الطرفين (الوحدة الحكومية، الحكومة) يجب أن تبقى محكومةً بمبدأ تقاسم السلطة والسيادة[4].
فمصطلحُ " federalism" يعني الاتحاد أو المعاهدة. وسواء كانَ اتحادًا أو معاهدةً، فهو يقومُ بين طرفين متميزين أو أكثر، تجمعُ فيما بينهم روابطُ متينةٌ، لها قدرةٌ ذاتيةٌ على تحفيز الأطراف المعنية في سبيل البحث عن صيغةِ توافق مركب وحدوي قوي، فالفدراليةُ تعني تحرك الأفراد أو الجماعات المتميزة من ناحية، والمشتركة من ناحية أخرى، نحو تشكيل تجمعٍ واحدٍ يوفِّقُ بين رؤى الاتجاهات المتناقضة، انطلاقًا من الشعور المشترك بالحاجة إلى الوحدة[5].
أما مصطلحُ "state federal" فهو يعنى " الدولة الاتحادية" أو "الدولة التعاهدية" والمعنى الأقربُ هو الولاياتُ المتحدة؛ لأنَّ مصطلحَ المدينة أو الولاية هي المصطلحاتُ الإداريةُ الأكثر تداولاً في العهد الإغريقي القديم، بينما مصطلحُ الدولة مصطلحًا معاصرًا. ففي العهد القديم ظهر تلقائيًّا مدن متجاورة، أو ولايات متقاربة، وكان لكلِ مدينةٍ أو ولاية سلطةٌ خاصة بها، توجه سكانَ الولاية، وتنظم حقوقهم وواجباتهم، وتحافظ على ثغورها من غزو سكان الولاية الأخرى، وبالتالي كانتْ هذه الولاياتُ تعيشُ في معظم أوقاتها حروبًا دامية، وقليلاً ما تعلن الصلح في أوقات محددة[6].
تعتبر الفدراليةُ أو الاتحادية إحدى أشكالِ الحكم وتتوزع السلطات دستوريا بين حكومة مركزية وأقاليم أو ولايات قائمة على نفس الجغرافيا . ولقد حدَّدَ البريطانيُّ "البرت دايسي" شرطين أساسيين لتكوين الدولة الفدرالية: الشرط الأول: عدة أقاليم أو ولايات ترتبطُ مع بعضها البعض من حَيْثُ الجغرافيا والتاريخ والانتماء ما يؤهلها لأن تحملَ هويةً وطنيةً مشتركة, أما الشرط الثاني: الرغبةُ والإرادةُ والتصميمُ على الاستقلال للولاية أو الإقليم ضمن الاتحاد. ومن مميزات الفدرالية, وهي كثيرةٌ, أن الدستور المتفق عليه هو السلطةُ العليا للدولة المركزية وللأقاليم [7].
ب‌- نماذج من الفدراليات القائمة:
الفدراليةُ كنموذجٍ من نماذج الحكم كانت موجودة عبر التاريخ وإن لم يكنْ مصطلحُ الفدرالية معروفًا ولكن في العصر الحديث عندما وجدت الدولة بمفهومها الحديثِ أرض وشعب وسلطة وجدتِ الفدرالية مصطلحًا وواقعًا في الكثير من الدول ضمن آلياتٍ منضبطةٍ وفق دساتير تلك الدول التي نظمتها بما يكفلُ استمرارية الدولة الاتحادية ويحول دون تفتتها وتقسيمها، وتعتبرُ الولاياتُ المتحدة الأمريكية، النموذجَ الأهمَّ والأنجحَّ في تجربة الفيدرالية، حَيْثُ انتقلتْ إلى هذا النموذج من الحكم عام 1787، بناءً على الدستور الأمريكي الذي صَدَرَ في هذا التاريخ، ومازال قائمًا حتى اللحظة، حَيْثُ تشترك 52 ولاية بحكومةٍ فيدراليةٍ، تعمل على مبدأ تقاسم السلطة والسيادة.
كما أنَّ نحو عشرين دولةٍ في العالم تُحكَمُ فيدراليًا، من بينها دولتان عربيتان، هما الإماراتُ والعراقُ اليوم، لكن خبراءَ السياسة يعتبرون "فيدرالية العراق" تجربةً فاشلةً حتى اللحظة، على اعتبار أنَّ إقليمَ كردستان يعتبرُ وحدةً مستقلةً بشكلٍ شبه كامل عن الدولة منذ عام 1991، ويتبع اسميًا للحكومة المركزية فقط، من جميع النواحي (السياسية، والاقتصادية، والعسكرية)، في حين تحتفظُ الحكومةُ المركزيةُ في بغداد بصلاحياتٍ ونفوذٍ واسع في باقي المحافظات. بينما يرى مراقبون أنَّ الإمارات العربية المتحدة هي تجربةٌ اتحاديةٌ فيدراليةٌ ناجحةٌ إلى حدٍّ ما، فحافظتِ الإماراتُ السبعُ على حالة الاتحاد السائدة منذ التأسيس عام 1971، وفق استقلاليةٍ واسعةٍ في القوانين والعمل المؤسساتي لكل إمارة.
كما يمكنُ الإشارةُ إلى نموذج البوسنة والهرسك التي هي دولةٌ اتحاديةٌ مكونةٌ من عشرة كانتونات، أقيمتْ بعد توقيع اتفاق واشنطن 1994، عقب الحرب اليوغسلافية التي شهدتْ تطهيرًا عرقيًا لآلاف من مسلمي البوسنة على يد الجيش الصربي، وأدَّتْ إلى تقسيم يوغسلافيا إلى دولتين رئيسيتين "البوسنة والهرسك" وصربيا، ويرى محلِّلونَ وسياسيُّونَ أن هناك أوجهًا للمقاربة بين التجربة اليوغسلافية، والصراع السوري الحالي، الذي ربَّما يَشهد تحولًا للفيدرالية أيضًا[8]، على اعتبار أنَّ إحدى مقاربات الحل الدولي للقضية السورية يأتي على نسقِ الحل البوسني في اتفاق دايتون.
فالنِّظَامُ الفدراليُّ يبدو للوهلة الأولى أنه نظامٌ بعيدٌ في مفهومة ومحتواه عن مفهوم الانفصال, انفصالُ الجزء عن الكل , سيما وأن الدستور في النِّظَام الفدرالي ينصُّ على الديمقراطية والتعددية السياسية , والعَلْمنة , وممارسة اللامركزية في الحكم الإداري. وهذا التَّصوُّرُ صحيحٌ بغالبية تطبيقاته في الدول الغربية التي كانت متفرقةً ومن ثم توحَّدتْ في هذا الإطار وبعضها كما في البوسنة والهرسك كان تفتيت للدولة من جهةٍ ولكن كان حلاًّ إيجابيًّا لصراع دينيٍّ وقوميٍّ كبير. لكن مفهومَ النِّظَام الفدرالي في البلاد العربية يختلف دومًا عن المفهوم الغربي فالمقصودُ هو الانفصالُ وتجزئة المجزئ, وتقسيم المفتت، ولا غرابة في مثل هذه التخوفات, وهناك تجربةٌ تاريخيةٌ ما زالت قائمة إلى غاية الآن كانت نتيجة اتفاقية سايكس- بيكو التي فتت الجغرافيا العربية عام 1916 بعدما أخرجتها عن الدولة العثمانية وفقا لمصالح القوى الاستعمارية آنذاك فرنسا وبريطانيا [9].

ثالثًا: فدرالية شمال سوريا "روج آفا":
أ‌-     السياق التاريخي:
يأتي إعلانُ "فدرالية شمال سوريا" في سياقِ المظلوميةِ الكردية التاريخية، واختراعِ مصطلح كردستان الغربية، وإن كانتْ بوجهٍ منها ردَّةَ فعل لسياساتِ النِّظَام، فهي تعبرُ عن ميولٍ انفصالية ذات نزعة قوميةٍ مترسخة في المنطقة منذ نهاية القرن التاسع عشر لمْ يستطعِ الكردُ بقيامِ كيان سياسيٍّ مستقلٍّ بهم، في حين القوميات الأخرى كان لها ذلك. فالمظلوميةُ الكرديةُ التي تحوّلتْ إلى أسطورةِ الاضطهاد الوحيدة في سوريا لمْ تغيرها الثورةُ بل وجدوا فيها فرصة عملية لرفع هذه المظلومية تحت عباءةِ التعددية الإثنية التي تجمعها الجغرافيا تحتَ شعار المساواة والمواطنة.  
إذًا إنَّ فكرةَ الفيدرالية الكردية في سوريا ليستْ وليدة الصدفة،  وليستْ بأمرٍ جديدٍ وإنما ظهرت إلى العلن في نوفمبر2012، حَيْثُ توصَّلَ ممثلون عن التكتُّلين الرئيسيين لأكراد سوريا (حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي) خلال اجتماع في أربيل بالعراق إلى اتفاقٍ للوحدة بينهما من أجلِ العملِ على إقامة اتحادٍ فيدراليّ في سوريا، غير أن الانشقاقاتِ والخلافاتِ بين الأحزاب الكردية بشأن قضايا كثيرة عطَّلتْ أو أجَّلتْ تنفيذَ هذا الاتفاق، إلى أن باتتِ الظروفُ مواتيةً من وجهة نظر الأكراد، في ظل سيطرتهم على بعض المناطق في شمال سوريا.
فمع انطلاقِ الثورة السورية واتساع نطاقها عام 2011، انضمَّ جزءٌ من الأكراد السوريين إلى الثورة وهيئات المُعَارَضَة، في حين انصرفَ جزءٌ آخر إلى استغلال الوضع خدمةً لأجندات مختلفة. فقد أعلن الاتحادُ الديمقراطي، وهو حزبٌ يساريٌّ - قومي متطرفٌ أُسِّس عام 2003 ليكون بمنزلة فرع سوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)، إنشاءَ "مجلس شعب غرب كردستان"، في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2011، وشرَعَ في بناء جسم أمنيٍّ وعسكريٍّ تضمّن "وحدات حماية الشعب" وجهاز شرطة (الأسايش)، فضلًا عن وحدات حماية المرأة. ويبلغ عددُ هذه القوات مجتمعةً في الوقت الراهن نحو 50 ألف مقاتل. وقد سمح تشكيلُ هذه الأذرع الأمنية والعسكرية للحزب ببسطِ سيطرتِه على المناطق التي أخلاها النِّظَامُ في أقصى شمال شرق سورية، ابتداءً من عام 2012.
استغلَّ حزبُ (PKK) حالةَ الفراغِ الناشئة عن انسحاب النِّظَام، وأعلنَ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، إنشاءَ مناطقٍ إدارةٍ ذاتيةٍ في ثلاث مناطق هي: الجزيرةُ في أقصى شمال شرق البلاد، وعينُ العرب شمالًا، وعفرين في الشمال الغربي. وأقامَ في كلّ منها مجالس تُحاكي الوزارات وقوّةً شرطيةً، في خطوةٍ أثارتْ شكوكًا كثيرةً في الهدفِ النهائي الذي يسعى له أكرادُ حزب الاتحاد الديمقراطي.
وبعدَ صعودِ تنظيم الدولة وتمدّده بين الموصل والرقة، لفتَ الأكرادُ انتباهَ الولايات المتحدة الأميركية التي قرّرت استخدامَهم في مواجهة تنظيم الدولة، وأوجدتْ لهم دعمًا كبيرًا مكّنهم من الصمودِ في معركة عين العرب طوال أكثر من ثلاثة أشهر، ومِن دحْرِ التنظيم بعيدًا عن المدينة في مطلع عام 2015. ومنذ ذلك الوقت، تحوّلَ الأكرادُ إلى طرفٍ محلّيٍّ رئيسٍ في الاستراتيجية الأميركية الخاصة بمواجهة تنظيم الدولة، كما أنهم استفادوا من التدخل العسكري الروسي ضدّ المُعَارَضَةِ السورية في أواخر عام 2015، وسيطروا على مناطقَ لا يقطنها الأكراد ولا مزاعم تاريخية لهم فيها؛ وذلك في إطار سعيهم لتحقيق تواصل جغرافي يُمكّنهم من إعلان إقليم فدرالي على أساسٍ جغرافي، أو على أساسٍ ديموغرافي، مثلما أعلن صالحُ مسلم. ويسعى الاتحادُ الديموقراطيّ حاليًّا إلى بناء قوة عسكرية ضاربة (تصل إلى 100 ألف مقاتل) نتيجة توافر مواردٍ اقتصادية مهمّة؛ وذلك بعد سيطرته على الحقول النفطية في الرميلان، ومعامل غاز في السويدية، والجبسة وحقل الهول النفطي، ومحالج قطن في ريف الحسكة، إضافةً إلى سهول القمح وتجارة المواشي[10].
فالمناطقُ المعنيةُ في النِّظَام الفدرالي هي المقاطعاتٌ الكرديةٌ الثلاث: عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، عفرين في ريف حلب الغربي، منطقة الجزيرة في محافظة الحسكة (شمال شرق سوريا) بالإضافة لتلك المناطق التي سيطرت عليها قواتُ سوريا الديمقراطية مؤخرًا، خصوصًا في محافظتي الحسكة وحلب شمال سوريا وهذه المساحةُ الجغرافيةُ هي جزءٌ من حلمٍ كبيرٍ ولكن هذا هو الممكن الآن، فقد قال رئيسُ المركز الكردي للدراسات السياسية والاستراتيجية، رجائي الفايد أن حلمَ كل كردي في تركيا وإيران وسوريا والعراق، أن يتمَّ تجميعُ المجزئ في يوم من الأيام وإقامة دولة كردية كبرى، لكن هذا الحلم يواجه معطيات الواقع، ولو نظرنا للتاريخ الكردي في المنطقة سنجد أنه لم تتحققْ أيُّ خطوةٍ بصالحهم إلا بتفاعل عاملين اثنين، داخلي وخارجي، معنى ذلك أن الأكرادَ وحدَهم لن يستطيعوا تحقيقَ حلمهم إلا بمساندةِ عوامل وقوى خارجية[11]، ولكن إشكاليتهم في هذا التحالف لمْ يستقرْ في يوم ما على حليفٍ واحدٍ قويٍّ وإنما كانوا يتقلّبونَ بين عدَّةِ قوى بحسب مصالح تلك القوى مما جعلهم أداة لا تمكنهم من إنجاز مراحل مهمةٍ من المشروع وإنما تعمل فقط على إحياء الفكرة بين فترة وأخرى لا أكثر.

ب‌- إعلان الفدرالية:
أعلنتْ مجموعةٌ من القوى السياسية في 17/3/2016 بالتزامن مع عقدِ محادثات جنيف3 بينَ وفدي النِّظَام ووفد المُعَارَضَة برعاية الأمم المتحدة، السعيَّ لإنشاءِ نظام فدراليٍّ في المناطق التي تقعُ تحت سيطرةِ قوات سوريا الديموقراطية التي تشكل وحدات الحماية الشعبية بنيتها الأساسية والقوة الضاربة فيها. وجاءَ الإعلانُ خلال اجتماع شارك فيه نحو 150 شخصية من شمال سوريا، بينهم أكراد وعرب وسريان وآشوريون وتركمان وأرمن، في رميلان بمحافظة الحسكة، شمال شرق سوريا. والمناطق المعنية بالإعلان هي «المقاطعات الكردية الثلاثة»: كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى المناطق التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديموقراطية» (تحالف من فصائل كردية وعربية مقاتلة على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية) مؤخرًا خصوصًا في محافظتي الحسكة وحلب، شمال سوريا.
وقد نصّتْ وثيقةُ النِّظَام الفدرالي على أنَّ "الحل الواقعي في سوريا هو نموذجُ الديمقراطية والفدرالية الديمقراطية (...) وأن تأسيسَ الاتحاد الديمقراطي لروج آفا-شمال سوريا هو ضرورةٌ للتنسيق بين مناطق الإدارة الذاتية"، و"ضمان لوحدة الأراضي السورية".
وأشارتِ الوثيقةُ إلى أنه سيتم "إنشاء مناطق الإدارات الذاتية الديمقراطية التي تدير نفسها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية والتعليمية والدفاعية والثقافية"، مضيفة "سيتم تحديد حدود هذه المناطق وصلاحياتها وفقا لقوانين" النِّظَام الجديد.
وتصاعدَ نفوذُ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا عام 2012 مقابل تقلص سلطة النِّظَام في المناطق ذات الغالبية الكردية، وأعلنَ الأكرادُ إقامةَ إدارةٍ ذاتيةٍ مؤقتةٍ في المقاطعات الثلاث التي أطلق عليها "روج آفا" أي "غرب كردستان"[12].
وتجدر الإشارةُ إلى أنَّ المناطقَ المعنيةَ في النِّظَام الفدرالي هي المقاطعاتُ الكردية الثلاث: عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، عفرين في ريف حلب الغربي، منطقة الجزيرة في محافظة الحسكة (شمال شرق سوريا) بالإضافة لتلك المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية مؤخرًا، خصوصًا في محافظتي الحسكة وحلب شمال سوريا.

رابعًا: أسباب إعلان الفدرالية:
يعودُ إعلانُ فدرالية شمال سورية إلى أسبابٍ عديدةٍ أهمُّها:
1-   الأسبابُ غيرُ المباشرة:
أ‌-      انتشارُ الفكر القومي وقيامُ دولٍ قومية في القرن العشرين لم يكنْ للأكراد فيها نصيبٌ رغم قناعتهم أنهم يمتلكون مقوماتِ ذلك كشعبٍ وسلطةٍ وأرضٍ ولكن حُوربوا من أجل عدم قيام سياسي مستقل بهم.
ب‌-  النزعةُ الانفصالية الداخلية عند الأحزاب الكردية المشاركة في إعلان الفدرالية نتيجةً للمظلومية التاريخية في صراع القوميات لاسيما العربية التي حصلتْ على كياناتٍ سياسيةٍ فيما دخلتِ القوميةُ الكرديةُ معها في صراعٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ من أجل الحصول على كيان سياسيّ مستقلٍّ لكن لم يستطيعوا الحصول عليه وأقصى ما وصلوا إليه حكم ذاتي في كردستان العراق.
ت‌- الصدماتُ القوميةُ المتكررةُ بينهم وبين الأتراك في تركية وبينهم وبين الفرس في إيران، وبينهم وبين العرب في العراق وسوريا وبخاصةٍ أن النِّظَام وجَّه ضربةً قويةً للأكراد عام 2004 كانت بعضُ العشائر العربية أداته في ذلك من أجلِ زرع وتكريس النزاعات القومية بين الكرد والعرب.
2-   الأسبابُ المباشرةُ:
أ‌-      الثورةُ السوريةُ التي  أعطتِ الأملَ للأكراد بإحياء الفكرة من جديد حَيْثُ كانتِ الخطوةُ الأولى بإعلان إدارةٍ مدنية في مدن ثلاث (عفرين وكوباني والحسكة) ولمْ تلقَ الفكرةُ حينها مواجهةً مسلحةً بل أصبحت واقعًا على الأرض رغم الاعتراض عليها، وكانت خطوة مهمة في التخطيط والتنظيم مهدت بشكل مباشر لإعلان الفدرالية اليوم.
ب‌- محادثاتُ جنيف3 التي استبعدَ منها صالحُ مسلم رئيسُ حزب الاتحاد الديموقراطي منها، حَيْثُ اعتبرته فصائلُ المُعَارَضَة أنه أقرب إلى النِّظَام منه إلى الثورة كما اعترضتْ على وجوده بعضُ الدول الإقليمية لاسيَّما تركيا باعتباره النسخة السورية عن حزب العمال الكردستاني (Pkk). فكانَ إعلانُ الفدرالية ردّ فعلٍ سياسيٍّ في الوقت المناسب لعدم مشارك مسلم في تلك المحادثات التي ترسم مستقبل سوريا الجديدة.
ت‌- الموقفُ الروسيُّ الذي جاء عبر تصريحِ نائبِ وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بأن "موسكو تأمل بأن يتوصَّلَ المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرةِ إنشاء جمهورية فيدرالية، ووضع معايير محددة للهيكلة السياسية في سوريا المستقبل"، فَتَحَ البابَ أمامَ تكهناتٍ بوجودِ قراراتٍ واتفاقياتٍ ربَّما تبرم في "الكواليس" عن شكل الدولة المقبل، وكيف ستكون "الفدرلة" وعلى أي أساس، في ظل وجود فسيفساء من الأعراق والطوائف المتعايشة والتي شَكَّلَتِ الحربُ الراهنةُ اختبارًا كبيرًا لمدى تماسكها وانسجامها.[13]

خامسًا: تداعياتُ إعلانِ الفدرالية وأثرُها على الواقع السوري:
إنَّ إعلانَ إنشاء فيدرالية شمال سوريا جاءَ ليشكل خطوةً استباقيةً لقناعات باتتْ تترسخ محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا أن سوريا قبل الثورة قد انتهت، وأن هناك سوريا جديدة سياسيًّا وجغرافيًّا وسكانيًّا تتشكلُ الآن في ظل الثورة، لهذا كان الإعلانُ عن فدراليةٍ جغرافيةٍ شكلاً مؤشرًا أن مآل سوريا جغرافيًّا هو التقسيم، لذا كانتْ ردودُ الأفعال متباينةً غلب عليها العاطفة، فمن المواقف من اعتبر هذه الخطوةَ الاستباقية غريبةً في توقيتها وأهدافها وأنها قد استغلتِ الظروفَ المحلية والإقليمية والدولية فكان إعلانُها طعنةً للثورة بشكلٍ مباشر التي خرجت للإطاحة بالنِّظَام وإقامة حكم يحقق طموحات الشعب السوري لا أن تكون سببًا في تقسيم سوريا. لذا  كان من الطبيعي أن ترفضَ جميعُ القوى الثورية فكرةَ الفدرالية وكذلك أن يرفضَ المجتمعُ السوريُّ ذلك وأن تحصر المسؤولية عن ذلك ليس بالأحزاب الكردية والقوى التي شاركتْ في إعلانِ الفدرالية فحسب وإنما في حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يترأسه صالحُ مسلم الذي يسعى وحزبه إلى ما هو أبعد من إدخال سوريا في النِّظَام الفيدرالي، وهو إقامةُ الدولة الكردية الكبرى، ويتمنى أن يحقّقَ لنفسِه ولحزبِه ما تحقق في شمال العراق من إقامة إقليم كردي مستقل[14].
فالإعلانُ أيقظَ الشعبَ السوريَّ ونبهه على مخاطر المستقبل لبلدهم وكيف يتحرك الآخرون من أجل الاستحواذِ على الجغرافيا قبل الديموغرافيا لأن الثرواتِ التي تحويها الجغرافيا ستشكِّلُ العنصرَ المهمَّ في ملامح الاستمرار في المستقبل. لذلك الرفض في أحد جوانبه الاستفراد في هذا القرار من طرف واحد بينما الشعبُ غارقٌ في معاناته ومواجهاته مع النِّظَام والمتحالفين معه. لكن يمكن القول: إن هذا الرفضَ لا يعدو عن كونه حالةً عاطفيةً آنية ستتلاشى في حال إذا ما تتابعت الخطوات العملية التنفيذية على الأرض لهذه الفدرالية لتصبحَ واقعًا قويًّا لا يستطيعُ الشعب تجاهله ولا تستطيع القِوى الرافضةُ له مواجهته لأنها ستكونُ منهكةً وضعيفةً وربما ستجد نفسَها في الخيار نفسه لكن بمقوماتٍ أضعف بكثير مما قامت عليه فدراليةُ شمال سوريا، بخاصة إذا ما فرض الحل الدولي الذي يتبنى اللامركزيةَ في الحكم كخطوةٍ أولى التي تعني الصورة الأقرب إلى نموذج الفدرالية في إدارة البلاد.

سادسًا: آثار الإعلان على محادثات الحل السياسي في سوريا:
إنَّ الإعلانَ عن فدرالية شمال سوريا جاء في سياقاتِ الطَّرحِ الدَّوليِّ لحلِّ القضية السورية بين الخيارات المتاحة التقسيم أم الفدرالية عندما أصبحتْ سوريا موحدة "سوريا القديمة" صعبة وربما مستحيلة. فقد كشفت روسيا، على لسانِ نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، عن الخيار الذي تفضّله، هي والحلف الذي تقوده، بالنسبة إلى الحلِّ في سورية، وهو الجمهورية الفيديرالية. وبدا هذا الطرحُ بمثابة توجيه صريح للمفاوضات التي انطلقت في جنيف3 ، حَيْثُ أكّدَ دي ميستورا أن موضوعَ الفدرالية مطروحٌ للنقاش في المحادثات، مما يعني مساقات جنيف متماشية مع هذا الطرح الجديد وفق معطيات الواقعية التي يُعتقد أنَّ روسيا أرستها في حملتها العسكرية[15]، لهذا تصرُّ على حضور صالح مسلم في الجولات المتتالية في جنيف مما سيشكل شرعنةً غير مباشرة للفدرالية المعلنة وبخاصة وفق التسريباتِ أن مسودةَ الدستور الذي أعدته روسيا تشيرُ بشكلٍ واضحٍ أن الحكم المستقبلي في سوريا سيقوم على اللامركزية السياسية.
إذًا باتَ حزبُ الاتحاد الديموقراطي بقيادة مسلم أكثرَ قوة بإعلان الفدرالية التي أصبحت واقعًا أمام محادثات جنيف التي لن تستطيع كثيرًا تجاهل أو رفضَ حضور صالح مسلم على الرغم من مشاركة "المجلس الوطني الكردي" المنضوي ضمن الائتلاف المعارض في مفاوضات جنيف، إلا أن مشاركتَه هذه لمْ توسمْ على إنها مشاركةٌ كرديةٌ، لأنَّ التصوّر السائد لدى الدول الغربية أن القوةَ السياسية الكردية وقواتها المتمثلة بوحدات حماية الشعب الكردية YPG هم مَن يمثلون الكردَ سياسيًّا وعسكريًّا، باعتبارها القوة الأكثر تنظيمًا وسيطرة على الأرض وشركاء التحالف الدولي الأساسيون في الحرب على تنظيم الدولة وأصبحتْ قواتُ سوريا الديموقراطية هي القوةُ الضاربةُ التي يعتمد عليها ضد "الإرهاب" وهي القوة الوحيدة داخل جغرافية فدرالية شمال سوريا "روج آفا".
لهذا سيكونُ هناك حرصٌ كبيرٌ على إلحاق صالح مسلم بمحادثات جنيف في مرحلةٍ قادمة كجزء من المُعَارَضَة وليس النِّظَام أو طرف ثالث وإلا يبقى السؤال كيف سيلتزمون بمخرجاتها من وقف الأعمال العدائية إلى وثيقة المبادئ التي أعلنها دي ميستورا بالإضافة إلى الدستور القادم وغيرها مالم تتحقق هذه المشاركة في جنيف[16].

سابعًا: الفدرالية بين القانونية والواقع:
أ‌-     الفدرالية من الناحية القانونية:
عندما أُعلنتْ فدراليةُ شمال سوريا صدرتْ آراءٌ عدةٌ تُفنّد عدم قانونية هذه الخطوة وأنها تحتاج إلى قرارِ الشعبِ السوريِّ أو كافة الأطراف العاملة على الساحة السورية ويجبُ أن يأتي بها اعترافٌ قانونيٌّ ومنهم من قال دستوري ولكن تلك الآراء المُعَارضَة أتتْ في سياقِ الفدرالية بالمفهوم الغربي وليس بالمفهوم السائد في البلاد العربية أو دول العالم الثالث التي تتحكَّمُ دولٌ كبرى في مصيرها حَيْثُ إذا ما اعترفت إحدى تلك الدول بالواقع الناشئ الجديد يصبح مشروعًا قائمًا على الأرض وبخاصةٍ أن ظروفَ قيام الفدرالية يدلُّ على مبدأ التقسيم والتفتيت وهذا كما سبق يختلف عن المفهوم الغربي حَيْثُ استدلَ به أحدُ الخبراء على عدم قانونية الفدرالية بقوله: إن الفدراليةَ يجب أن تكون خيارًا وطنيًا أكثر من كونه دستوريًّا، وبالتالي تتطلب أوسعَ قاعدةٍ للمشاركة ممكنة لتعزيز شرعية هكذا خيار، ولذلك يجبُ النظرُ لمسألة خيار الفيدرالية من ناحيتين: الأولى دستورية- تنظيمية، والثانية سياسية.
أما من "من الناحية الدستورية- التنظيمية، فإن فكرةَ الفيدرالية سواء تمت بطريقة الاندماج (دول مستقلة تندمج في إطار فيدرالي) أو بطريقة تجنب التفكك (دولة موحدة مركزية تذهب لخيار الفيدرالية لكي لا تتفكك كالحالة السورية) هو خيار نموذجي"، مستدلًا بتجارب دولية أثبتت بأن الخيار الفيدرالي هو الصيغةُ الأفضلُ لتركيبة أي دولة.
وأضافَ إنَّ "الاتجاهَ العام للكثير من الدول المركزية، إعادةُ هيكلة تركيبتها لتستجيبَ لحسن الحوكمة والتنمية نحو الفيدرالية أو نحو صيغ قريبة من الفيدرالية، وباتتْ على خطواتٍ قريبةٍ من هذا النموذج (إيطاليا، إسبانيا…) وحتى دول بُنيت تاريخيًا كنموذج للدولة المركزية (كفرنسا) ذهبت إلى تطبيق نظام لامركزي شديد لامس حدود الفيدرالية".
وخلص دلة في هذا الشق للقول إن "الصيغة الفيدرالية دستوريًا- تنظيميًا، أضحت صيغة نموذجية وخيارًا مُفضلًا لبناء دولة تسهل معها عملية الحوكمة والتنمية فيها بين المركز والأطراف".
أما من الناحية السياسية، فيعتبر أن "أي بناء دستوري- تنظيمي نموذجي غيرُ كافٍ إنْ لمْ ينطلقْ من شرعية واسعةٍ، فالصيغةُ الفيدرالية (لاسيما تلك التي تنجم تجنبًا للتفكك) تحتاجُ إلى أوسع قدرٍ من التوافق الوطني، هذا التوافقُ الواسعُ كأساسٍ للشرعية هو شرطٌ جوهريٌّ لتأمين السير المنتظم للبناء الدستوري/التنظيمي"[17].
ففي سياق هذا الفهم يأتي الخيارُ الروسيُّ للفدرالية في سوريا، وكذلك من خلال التجربة الروسية التاريخية، فعندما تفتَّتَ الاتحادُ السوفيتي حرصتْ روسيا الاتحاديةُ على الفدرالياتِ القائمةِ بدلًا من التقسيم وخروج دول مستقلة كالجمهوريات الإسلامية، ولكن هذه القانونية الدستورية والتنظيمية والسياسية غير قائمة للفدراليات في الواقع الجغرافي السوري لأنّ القرارَ في ذلك لا يخضعُ إلى الشعب أو السطلة المستبدة الحاكمة التي فقدَتْ مشروعيتها وإنما للدولة الداعمة إلى مثلِ تلك الخطوة التي تراها أفضل الممكن عندما تفقدُ السلطة المركزية السيطرةَ عن القسم الأكبر في الدولة وتصبحُ غيرَ قادرة على إدارتها.
ب‌- إمكانية تطبيق الفدرالية في الواقع:
هل يمكنُ أن تصبحَ فدرالية شمال سوريا أمرًا واقعًا يقبل أن يتعامل معها الجميع؟ للإجابة على ذلك لا بد من استعراضِ السيناريوهاتِ المستقبلية المتوقعة بالنسبة لسوريا وذلك  لمعرفة إمكانيات نجاح أو فشل هذه الفدرالية.
-        السيناريو الأول: هو أنْ يظلّ نظامُ الأسد هو النِّظَامُ الحاكم، ثم يقوى ويسيطر مرة أخرى على كل الجغرافيا السورية وتنتهي المسألة، وهو أمر "مستبعد جدا"، بسبب استحالةِ عودة سوريا كما كانت عليه قبل خمسة أعوام، "فهناك متغيراتٌ سياسيةٌ ضخمةٌ جدًّا حدثت فضلاً عن الدمار الحاصل على الأرض لن يستطيع فرض سيطرته وإدارته لكثير من المناطق لذلك الفدراليات المحلية شيئًا طبيعيًّا.
-        السيناريو الثاني: يقوم على احتمال انهزامِ نظام الأسد ورحيلِ حكمه، واستلام القوى المُعَارَضَة للحكم، ومن ثم سيكونُ الاتحادُ الديمقراطي بهذا الشكل محاصرًا من جهاته الثلاث، ألا وهي تركيا وأشقائه في العراق والقوى المُعَارَضَة التي ستحكم سوريا، فاحتمالُ تحقيق مطالب الكرد بفدرالية حين إذن سيكون "ضعيف جدًّا"، لأنه لا يمكن أن تقومَ تلك الدولة، وهي محاصرةٌ من كل تلك الجهات ولا منفذ لها على البحر؛ لأنَّ إمكانية محاصرتها اقتصاديًّا أمر يمكن تطبيقه ببساطة، ومسألة دخولها في نزاعات مع جيرانها أيضا هو احتمال وارد الحدوث بشكل كبير ومستمر أيضًا.
-        السيناريو الثالث: يقومُ على احتمال أن يتمَّ تطبيقُ النِّظَام الفيديرالي في سوريا كأحدِ مخرجاتِ محادثات جنيف وهذا سيتمُّ طبعًا في حال قرَّرتِ القوى الكبرى ذلك، وبخاصة روسيا وأمريكا،  وبهذا لن يبقَ هناك حلٌّ على الإطلاق، وحينها سيتمّ تقسيمُ سوريا بحسب القوى على الأرض[18]، وستكون هناك فدرالياتٌ قائمةٌ تكون فدرالية شمال سوريا قد سبقت ذلك ورسمتْ حدودها ومقومات وجودها.
أما بالنسبة إلى القول: إنَّ الجغرافيا التي أُعلنت فيها فدراليةُ شمال سوريا لا يسكنها فقط الأكراد , هناك العربُ والشركس والتركمان والسريان وغيرهم , فكيف يمكنُ جمعُ هذا الخليط تحتَ حكمٍ فدراليٍّ كرديٍّ ؟ ثم ما العمل مع الجغرافيا التي تفصل توزع الأكراد في الشمال وفي الشرق من سوريا [19]، فإنَّ الإشكالَ في هذا التساؤل تمَّتْ مراعاته من خلال مسمى الفدرالية، فلم تعلن الفدرالية باسم الأكراد أسوةً بالعراق على أساس قومي وإنما أُعلنت على أساسٍ جغرافيٍّ بما فيه من المكونات العرقية التي ذكرت.

ثامنًا: الموقف الدولي والإقليمي والمحلي من إعلان الفدرالية:
1-     أمريكا:
 جاء الموقفُ الأمريكيُّ على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيري، حَيْثُ نفى في تصريحٍ صحفيٍّ رغبةَ بلاده في أن يتمَّ تشكيلُ منطقة شبه ذاتية الحكم للأكراد في سوريا، مشيرًا إلى "ضرورة تولي حكومة جديدة للسلطة تحافظ على وحدة الأراضي السورية،[20]. ولكن الموقفَ الأمريكيَّ لمْ يكنْ رافضًا لفكرة الفدرالية وإنما كان الرفضُ للتوقيت الذي أُعلنت فيه الفدراليةُ لأن أمريكا وضعتْ خيارَ التقسيم كحلٍّ نهائيٍّ إذا ما فشلتْ محادثاتُ جنيف وقد صرّحَ كيري قبل الإعلان عن الفدرالية بالقول: إنَّ استمرارَ الصراع يجعلُ من الصعب رؤية سوريا موحدة على المدى الطويل[21]. كما أعلنَ المتحدثُ باسم البنتاغون، ستيف وارين، قبل يوم من إعلان الأكراد إقليمًّا فدراليًّا في سوريا لن يؤثر على العمليات الأميركية ضدَّ تنظيم "داعش" الإرهابي[22]. لهذا فَهِمَ الأكرادُ الموقفَ الأمريكي واستمروا بمشروعهم من خلال فدرالية شمال سوريا الذي تدعم أمريكا مكوناته عبر "قوات سوريا الديموقراطية" التي يقَع على عاتقها توسيعُ جغرافية الفدرالية على حساب الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.  
2-      روسيا:
ذُكر سابقًا، أن الموقفَ الروسيَّ أثناء محادثات جنيف تَلخّص بالقول: تأمل[موسكو] بأن يتوصَّلَ المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرةِ إنشاءِ جمهوريةٍ فيدرالية، ووضع معايير محددة للهيكلة السياسية في سوريا المستقبل"، هذا الموقفُ الواضِحُ من الفدرالية كفكرة لحل القضية السورية كان أحد الأسباب التي شجَّعتْ على إعلان "فدرالية شمال سوريا"، لكن الموقفَ الروسيَّ منها بعد الإعلان لم يكن رفضًا وإنما كان تخوفًا أن تكون الفدرالية مقدمة لتقسيم سوريا إلى دويلاتٍ وتجمعاتٍ عرقية ودينية، وربما يكون ذلك ضمن مشروعٍ أكبر يهدف إلى تقسيم المزيد من الدول العربية. فقد صرح سيرغي ريابكوف نائبُ وزير الخارجية الروسي مؤخرا بأنَّ روسيا ترى إمكانيةَ إنشاء جمهورية فدرالية، في حالِ توافقتِ الأطرافُ المشاركة في المفاوضات بشأن سوريا[23].
3-     إيران:
عبَّرتْ إيرانُ عن رفضها لإعلان فدرالية شمال سوريا على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أثناء زيارته إلى تركيا بالقول: إن طهران "تدعم وحدة الأراضي السورية، وضد كل من يسعى للتقسيم"، وأضافَ ظريف إن "إرادةَ الشعب السوري يجبُ أن تكونَ هي الحاكمةُ في الفترة المقبلة". هذا الموقفُ الإيرانيُّ الظاهريُّ ينسجمُ مع موقف النِّظَام، ولكن إيران ما تدخلت عسكريًّا في سوريا إلا لتقسيمه لأنها بطبيعة الحال لا تستطيع أن تحكم الشعب السوري ولن يستطيع النِّظَام بعد هذه الثورة أن يقوم بذلك، كما من المعروف عن منهجية إيران في نشر التشيع أنها ما دخلت بلدًا إلَّا وأدخلت إليه الفوضى والنزاعات الدموية لتفتيته كلبنان وأفغانستان وسوريا. لذلك موقفها الرافض لإعلان الفدرالية ينسجم مع سياستها في الدول التي تتدخل بها ولا يعبر عن رفض حقيقي لمشروع الفدرالية وبخاصة هي أول من طرح الدولة المفيدة "العلوية".
4-     تركيا:
إنَّ الموقفَ المبدئيَّ والطبيعيَّ لتركيا أن يكونَ رافضًا لأيِّ فكرةٍ فدراليةٍ كردية على حدودها المجاورة لاسيَّما في سوريا لأن وحدات الحماية الشعبية (pyd) هي النسخة السورية لحزبِ العمال الكردستاني المصنف إرهابيًّا في تركيا ولهذا جاء المواقفُ الرافضُ لفدرالية شمال سوريا على لسان وزير الخارجة التركي جاويش أوغلو أثناء استقباله وزير خارجية إيران قائلاً: إنَّ "تركيا ضدَّ كل التنظيمات الإرهابية سواء تنظيم (داعش) أو (بي واي دي)، والتي لا تسعى لتحرير سوريا أو لمحاربة النِّظَام بل لتقسيم البلاد"، وأضافَ إنه "بالرغم من اختلافنا مع إيران حولَ الأزمة السورية، لكن يجبُ استغلالُ هذا الاتفاق، على رفض الفيدرالية ومحاربة الإرهاب، لإيجاد حل جذري للازمة"
5-     كردستان العراق:
لم يتأخرِ الموقفُ الرسميُّ لإقليمي كردستان العراق من فدرالية شمال سوريا حَيْثُ عبَّرتْ رئاسةُ الإقليم عن دعمها لفكرةِ إنشاء نظام فيدرالي في سوريا، مطالبةً الجهات الكردية أن تكونَ على موقفٍ واحدٍ بهذا الخصوص، وجاء في بيانٌ للرئاسة، نُشرَ في الثالث من آذار الجاري، أنه "ولتعزيز الاستقرار وإنشاء تشارك حقيقي بين المكونات المختلفة في سوريا، فإنَّ إقليمَ كردستان يدعمُ فكرة إنشاء النِّظَام الفيدرالي فيها".[24]
6-     الائتلاف:
صرَّحَ رئيسُ الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمُعَارَضَة أنس العبدة رفضَ الائتلاف للإجراءات الأحادية التي قامتْ بها مجموعةٌ من الأحزاب في إعلان نظام فيدرالي في شمال سوريا، مشيراً بأنَّ هذه الإجراءات الأحادية الاستباقية مرفوضة تماماً، ولا يمكنُ أن تؤدي لأيِّ عملٍ إيجابي لسورية، وهي باطلة، وأكَّدَ العبدةُ أنَّ مشروعَ الفيدرالية منذ البداية مخطط (روسي – إيراني)، في حين لا تعترفُ الولاياتُ المتحدة الأميركية بهذه المشروعات السياسية لأنها غير قانونية[25].
فالمُعَارَضَةُ السوريةُ ترغبُ في ترحيل مسألةِ شكلِ الدولة والحكم لما بعد التوصل إلى حلٍّ سياسيٍّ للأزمة الحالية، لأن "المعركة الآن هي لإسقاط النِّظَام" أما شكلُ الحكم فيحدده الشعبُ السوريُّ وهو من مهمة الهيئة التأسيسية الوطنية التي ستكتب الدستور الجديد، بعد تشكيل هيئة حكم انتقالي، بحسب يحيى مكتبي، الأمين العام للائتلاف السوري المعارض[26].
7-     الفصائل الثورية والحاضنة الشعبية:
 إنَّ الموقفَ الطبيعيَّ للفصائل الثورية بتنوعها أن تكونَ رافضةً لإعلان فدرالية شمال سوريا لأنها لمْ تقمْ بالثورة لتكون نتائجُها تقسيمَ الجغرافية السورية إلى فدرالياتٍ عرقيةٍ أو دينيةٍ وإنما قامتْ من أجل بناء دولةِ العدالةِ للجميع بما ينسجم مع هوية الشعب السوري وتطلعاته المستقبلية لذلك قامت عدَّةُ مظاهرات في المدن السورية عبرَّتْ عن رفضها لإعلان الفدرالية.
8-     موقف بعض القوى الكردية المناهضة للفدرالية:
رأتْ حركةُ الشباب الكُرد، أن أيّ "مشروع من طرفٍ واحدٍ، ولا يحمل في طيَّاته وعقده الاجتماعي مبادئ كردية واضحة، ويُوحد القوى العسكرية، ويتقبل بشمركة روج "الغرب" المنشقين عن قوات النِّظَام من أبناء شعبنا الأحرار، لن يلقَ أيَّ نجاح، ولن يحققَ أماني شعبنا المتلهف إلى الحرية والانعتاق". ودعت، في بيان، إلى توحيد الصف الكردي، والقيام ببادرة حسنِ نيةٍ من قبل سلطة الأمر الواقع للحزب الاتحاد الديمقراطي، بإطلاق سراح معتقلي الرأي والنشطاء الشباب، والكف عن سوْق الشباب إلى التجنيد الإجباري.
وأضاف البيانُ، أن حركة المجتمع الديمقراطي  أعلنتْ عن فيدرالية شمال سوريا "روج آفا"، من دون أي تنسيق مع القوى الكردية الأخرى، مستفردة بالقرارات المصيرية[27].
9-     موقف بعض الأقليات السورية المؤيدة للفدرالية:
أكَّدتْ تنظيماتٌ سياسيةٌ سريانيةٌ في سوريا أن النِّظَامَ الفدرالي لسوريا المستقبل هو «الضمان لحقوق الشعب السرياني، ولإمكانية العيش بسلام وأمان مع بقية المكونات بشكل يحقق المساواة فيما بينهم». حَيْثُ المجلس السرياني الوطني والاتحاد النسائي السرياني وحزب الاتحاد السرياني أصدروا بياناً مما جاء فيه: «إننا كأحزاب ومؤسسات سريانية كنا من المشاركين والمؤسسين مع ممثلين لجميع المكونات الأخرى في تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية في (الجزيرة – كوباني – عفرين)، وكذلك مجلسُ سوريا الديمقراطية ومؤخرًا مشروع الاتحاد الديمقراطي لروج آفا – شمال سوريا، ونحن نجد هذا المشروع الضامن الوحيد لعودة سوريا قوية وموحدة ضمن نظام فدرالي، يضمنُ وجودَ وحقوقَ الشعب السرياني في سوريا ويستطيع من خلاله أن يعيش بسلام وأمان مع بقية المكونات بشكل يحقق المساواة فيما بينهم ويفتح المجال أمامهم لتطوير ذاتهم وخصوصيتهم وثقافتهم ولغتهم». في حين قال: "سنحاريب برصوم" القيادي في حزب الاتحاد السرياني كان قد قال لـ ARA News سابقاً «إن النِّظَام الفدرالي الذي أعلن في مدينة رميلان هو ضمان لحقوق الشعب السرياني في سوريا، وحقوق كافة مكونات الشعب السوري»[28]. فمن الطبيعي أن يأتي موقف السريان مؤيدًا للفدرالية فهم جزء منها وكذلك جزء من قوات سوريا الديموقراطية أيضا.
10- النِّظَام:
أشار الأسدُ - في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية إلى أنَّ موضوعَ الفيدرالية مرتبطٌ بالدستور الذي قد تكونُ صياغته جاهزةً خلال أسابيع من أجل طرحه على المواطنين، قائلاً: "من ناحية الجغرافيا، فإنَّ سوريا صغيرةٌ جدًّا لكي يكون فيها فيدرالية، هي ربما أصغر من معظم الجمهوريات الموجودة في روسيا. ومن الناحية الاجتماعية، الفيدراليةُ بحاجةٍ لمكونات اجتماعية قد لا تتمكن من العيش مع بعضها البعض، وهذا ليس موجودًا في التاريخ السوري...موضوعُ الفيدرالية مرتبط بالدستور، والدستور بحاجة لموافقة شعبية".
وعن إعلان بعض التنظيمات الكردية فيدرالية شمال سوريا، قال الأسدُ "معظمُ الأكراد يريدون أن يعيشوا في ظل سوريا موحدة، بنظام مركزي بالمعنى السياسي وليس فيدرالي، فعلينا ألا نخلطَ بين بعض الأكراد الذين يريدون النِّظَامَ الفيدرالي وكل الأكراد. وهناك ربما مكونات أخرى غير كردية، صغيرة في الحجم جدا، تسعى لهذا الشيء أيضًا. أما فكرةُ أن يكون هناك فيدراليةٌ فهي ليست طرحًا عامًّا في سوريا"[29].
لا يخفى على متابعٍ أنَّ موقفَ الأسد هو موقفٌ سياسيٌّ طبيعيٌّ لا يمكن أن يصرِّحَ بخلاف ذلك على اعتبار أنه رئيسُ كل سوريا التي أصبحت من الماضي ولم يعدْ يسيطرُ على أكثر من 20% من الجغرافيا السورية ويستحيل أن تعود السلطةُ إلى ما كانت عليه قبل الثورة عام 2011.

تاسعًا: سوريا الجديدة بين الفدرالية والتقسيم:
إنَّ الخططَ البديلةَ عند جميع الأطراف الدولية والإقليمية تلتقي في التقسيم كذريعةٍ للفصل بين المتنازعين الذين لم يلتزموا بالهدنة ولهذا التلويح دائمًا بالخطة البديلة كحلٍّ وحيدٍ ، يعني ضمنيا سيناريو الحرب، والحربُ هنا مهما كانتْ مبرراتها أداةُ تنفيذ لإخضاعِ مناطق كثيرة، ولفرضِ إرادات سياسية على الخارطة وتعديلات تناسب القوى الدولية والإقليمية المتصارعة والمتنافسة على السيطرة على المنطقة برمتها والسؤالُ الصعبُ هنا، هل سينجحُ سيناريو الحرب المؤدي للتقسيم، وما عددُ الكيانات التي ستنتج عن تقسيم سورية، وما هي آليةُ تحديد المكونات السورية التي سوف تندمج مع بعضها البعض ضمن الدويلات الجديدة، اذا تم التورط في هكذا سيناريو.
والسؤالُ هنا، ما هي البدائلُ التي تمنع سيناريو التقسيم بالقوة وبخاصة أنّ الالتزامَ بالهدنة وفق المجريات التي سارت عليها ما زالتْ أقرب للنجاح منها إلى الفشل وأن التقسيم الهادئ قائم ويمكن أن يكرس بالواقع؟!.
فسوريا اليوم هي بين مشروعي "الدولة المفيدة" التي تعملُ عليها روسيا وبين مشروع "الدولة الصعبة التي تعمل عليها أمريكا بعد استنفاد فرص التفاهم الأمريكي الروسي من خلال الهدنة، بمعنى إن روسيا تريدُ إقامةَ الدولة المفيدة وفق الخطة "ب" وتكون مقابلها دولةٌ غير مفيدة يمكن التحرك خلالها من وقت لآخر بحجةِ محاربة الإرهاب. ولكن الخطة "ب" الأمريكية تعني إقامة الدولة الصعبة بدلًا من الدولة غير المفيدة لتكون مواجهة للدولة المفيدة وهذا يعني رسم حدود ضمنَ اتفاقياتٍ سياسيةٍ يكون للدول الإقليمية دور فيها لاسيما تركيا وهذا عكس ما لا تريده روسيا.
وبناء على ضوء تثبيت الهدنة ومأسستها أن تكون سوريا أمام خيارات أربعة:
1-     سوريا موحدةٌ أرضًا وشعبًا: وهذا الخيارُ إما تحتَ سلطة النِّظَام أو الثورة. وهذا أصبحَ مستحيلاً بسبب التفاهم الروسي الأمريكي الذي أوقفَ الحسمَ العسكري لأي طرف.
2-     سوريا فدراليةٌ : تقسم سوريا إلى عدَّة مناطق ذات حكم ذاتي.
3-     سوريا مقسمةٌ إلى دول تخضع إلى نفوذ دول أخرى.
4-     سوريا دولةٌ فاشلةٌ محتلة.
فأيُّ الخيارات الممكنةِ والمتاحة أمامَ الشعب السوري بخاصةٍ إذا كانت هناك استحالةُ إيجادِ صفقةٍ سياسيةٍ بين المُعَارَضَة والنِّظَام التي لو حصلت لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج النِّظَام من جديدٍ؟
فالحديثُ عن وحدة سوريا الذي نصَّ عليها القرارُ الدولي (2254) الذي جاء بناء على التفاهم الروسي الأمريكي لا قيمةَ له وهما أولُ مَن تجاوزه بطرح التقسيم أو الفيدرالية وأنَّ العمليةَ السياسية التي طُرحتْ في القرار الدولي لمْ يكنِ الهدفُ منها التطبيقَ وإنما كسب الوقتِ لا أكثر ومن ثم جاءتِ الهدنةُ كهدفٍ أكثر منها وسيلة لتكشفَ عن عدم وجود مبادرةٍ حقيقيةٍ لحلٍّ سياسيٍّ في سوريا وأن أقصى ما يمكن القيام به تنفيذ فكرة دي ميستورا "تجميد القتال" الطويل الأجل ريثما يتمُّ ترتيب المنطقة دوليًّا وإقليميًّا ويحققوا إنجازًا على الإرهاب يقدموه هدية لشعوبهم.
فالهدنةُ وَفق الخطة "أ" الأمريكية هي خطةٌ للتقسيم كأمر واقع إذا تمَّ الالتزامُ بها أم إذا فشلت الهدنةُ فإنَّ الخطة "ب" التي تكلم عنها كيري هي أيضًا لفرضِ التقسيم بالقوة!!. ولعلَّ ذلك خيارٌ روسيٌّ أيضا لأنها حتى لو حقَّقتْ توسُّعًا بريًّا خلال فترة الهدنة على حساب تنظيم الدولة أو جبهة النصرة فإنه من الثابتِ أنَّ لديها قناعة أنَّ نظامَ الأسد غيرُ قادر على فرضِ إعادةِ فرضِ سيطرته ولهذا التقسيم كخيار من خلال تثبيتِ حدود الدولة المفيدة هو أولويةٌ بالنسبة لها من جهةٍ وإقامة دولة كردية عازلة بين تركيا وسوريا ودعمها لتشكل قلقًا مستمرًّا لتركيا وعنصر مشاغلة وصراع مستمر في المنطقة قوميًّا وأيديولوجيًّا ويكون لها دورًا وظيفيًّا مرتبط بالقوى الكبرى وبالتحديد روسيا وأمريكا لتضمن بقائها من الإفناء.

عاشرًا: الاستنتاجات والتوصيات:
1-     هناك مَن وَجد استحالةَ قيامِ فدرالية في سوريا لأنه يشترطُ لقيامها، سواء في سوريا أو في أي مكان آخر، تحقيقُ قيمِ المواطنة الكاملة وسيادة قيم العدل والقانون بين الجميع، وألّا تكونَ هناك سيادة لأحد في الدولة على أحد[30]. وهذا لا يمكنُ تحققه في الدولة الفاشلة كسوريا، ولكن هذا قياس على المفهوم الغربي للفدرالية لكنها في المفهوم العربي هي أمرٌّ واقعيٌّ لا يمكنُ إلغاءُه رغمَ الاعتراض عليه، ويجري التعاملُ معه على هذا الأساس.
2-     هناك مَن رأى ضرورةَ العمل على احتواءِ الأكراد وتجنّب دفعهم إلى هذه الإعلاناتِ المنفردة التي قد تكلِّفُ المنطقةَ حروبًا أخرى، وعدم التدخل في خياراتهم السياسية، سواء كانت عبر حزبِ الاتحاد الديموقراطي الكردي أو المجلس الوطني الكردي. فالمُعَارَضَةُ مطالبةٌ بألاّ تكون مَلكيةً أكثر من الملوك في مواقفها من الصراع التركي - الكردي. ففي تركيا مثلاً، يجاهرُ حزبُ الشعوب الديموقراطي الكردي بعلاقته المباشرة مع حزب العمال الكردستاني، ويصرِّحُ بأنه حزبٌ متأثرٌ أيديولوجيًّا بأفكار عبدالله أوجلان، وعلى رغم ذلك فهو حزبٌ شرعيٌّ في تركيا وله 80 عضوًا في البرلمان.
لكن قياسَ الوضع الاستثنائي في سوريا على الواقع المستقرِ في تركيا قياسٌ مع الفارق لذا لا يمكنُ قياسُ وضع الدولة السورية التي هي في طريقها إلى التفتيتِ بالوضع في تركيا بل على العكس قد يكون إعلان الفدرالية في سوريا مؤثرًا بشكلٍ مباشر على وضع حزب العمال الكردستاني ويعمل على الاقتداء بما يجري في سوريا، وبخاصةٍ هناك تجربةُ حكمٍ ذاتيٍّ في العراق وتسعى إلى انتخابات من أجل الانفصال عن العرق وتشكيل دولة مستقلة وهناك في الشمال السوري حكم ذاتي أيضًا.
3-     علينا الابتعادُ من شيطنةِ الفيديرالية وكذلك من الابتعادِ عن المبالغةِ في تضخيم شأنها. فهي حالةٌ طبيعيةٌ ومفرزٌ من مفرزات الصراع الدائر في سوريا وربما إذا كانتْ مرفوضةً اليوم قد تصبحُ نموذجًا مقبولاً لحل الوضع القائم لإدارة الناس وتنظيم أمورهم.
4-     إنَّ التوقعاتِ والتخوفاتِ من إمكانيةِ تشكيلِ الدولة الكردية الكبرى- جزءٌ من سوريًّا وتركيا والعراق وإيران - من الممكن أنْ تتحقق في حالة واحدة- حسب الخبراء - وهي إذا حققتِ الأجزاءَ الأربعةَ وضعًا مشابهًا لما تحقق في العراق، حين إذن ممكن أن تنهضَ وتقوم تلك الدولة، لكن هذا الأمر صعبُ التحقق وهناك قسمٌ كبيرٌ من الأكراد موجودٌ داخل إيران، ومنفي تمامًا ويكاد يذوبُ في المجتمع الإيراني، وبسبب التقارب الشديد بين الثقافتين الكردية والإيرانية، أي التباين الثقافي بين الثقافتين ليس بالحدة الموجودة في الموضوع السوري أو التركي أو العراقي، فكيفَ يمكنُ لقضية فئة غير مطروقة نهائيًّا على الساحة أن تتَّحدِ مع قسمٍ كاد يقترب من الاستقلال[31]. إذا يجبُ التعاملُ مع فدرالية شمال سوريا في إطارها الجغرافي وتنوعها العرقي والظروف التي ساعدت على إعلانها ولكن النظر إلى نجاحها في المستقبل هذه موضوع آخر.
5-     إنَّ إعلانَ فدرالية شمال سوريا سيضَعُ موضوعَ مصطلح الفدرالية على طاولةِ البحث وسيتمُّ تداولُه كثيرًا خلال الفترات المقبلة بالتزامن مع مفاوضاتِ السلام بين المُعَارَضَة السورية والنِّظَام، وسيصطدم بالكثير من العراقيل والمواقف التي تعارضُ هذا الطرح لأنه برأي بعض المحللين "خطوة أولى لتقسيم سوريا"، فيما يرى طرفٌ آخر بأنه الحلُّ الوحيدُ والضامنُ لوحدة البلاد[32]، لذا يقتضي عدم التسرع في اتخاذِ حكمٍ قطعيٍّ على الفدرالية من أجلِ تركِ مجالٍ للمناقشة مفتوحًا لأنَّ خيارات مستقبل سوريا أصبحتْ متعددة ولم يحسم أي منها بعد.
6-     تُعَدُّ الفدراليةُ في منطقتنا التي انهارَ فيها نظامُ الدولة القومية حلًا للبعض في حينَ أنَّها حلمٌ مزعجٌ للبعض الآخر. ولكن تفاقم "النقاش حول الفدرالية" ليس بهدفِ التوحيد بل على نحو سوفَ يُغذِّي صراعات وعداوات جديدة. وخاصةً أنَّ هذا النقاشَ مرتبطٌ إلى حدٍّ بعيدٍ بمستقبلِ العرب والأكراد السنة في سوريا والعراق[33]. لهذا خيارُ الفدرالية في المنطقة سيفتحُ مجالاً إلى صراعاتٍ أخرى ستؤدي إلى نشوءِ دويلات على أسسٍ قومية ومذهبية بمعنى ستفتح بوابة تقسيم المنطقة من سوريا.
7-     حاولتْ "قوات سوريا الديمقراطية - التي جرى تشكيلُها كواجهةٍ للتمويه على هويتها الكردية القومية بالتحالفِ مع عشائر عربية صغيرة، والتي تشكّلُ وحداتُ حماية الشعب عمادَ قوّتها - الاستفادةَ من التدخل العسكري الروسي الذي استهدفَ قواتَ المُعَارَضَة السورية في ريف حلب الشمالي؛ وذلك من خلال التقدم شرقًا من عفرين والتمدد للاتصال بكانتون عين العرب الواقع شرق النهر. إلا أنّ هذا المخططَ الطموح الذي يتطلَّبُ تنفيذُه السيطرةَ على المنطقة الممتدة بين إعزاز وجرابلس تحول دونه عوائق عديدة أهمها المُعَارَضَة التركية الشديدة، ووجود تنظيم الدولة، فضلًا عن أنّه يتطلّبُ سيطرةَ القوات الكردية على كامل الحدود الشمالية لسورية التي تشمل مدنًا كبيرة يسكنها العرب؛ على غرار جرابلس ومنبج والباب ومسكنة ودير حافر، والسيطرة على مدن إعزاز وتل رفعت ومارع وأريافها في ريف حلب الشمالي، وهي معاقلُ مهمّةٌ لقوات المُعَارَضَة السورية[34]. وإذا تحقَّقَ ذلك يوما فإنَّ شمال حلب وربما مدينة حلب ستكونُ جزءًا من فدرالية شمال سوريا، وبالتالي ستكون مؤهلةً لكي تنقسم فيما بعد  إلى دولتين: الدولة المفيدة" و"الدولة الصعبة".
8-     يُعدُّ الإعلانُ عن الفدرالية رسالةً واضحةً الى المجتمعين في جنيف أكّدَ فيها الأكرادُ الذين تم استبعادهم عن مفاوضات السلام، أنهم عنصر أساسي، سياسي وعسكري، في المجتمع السوري، ولا يمكن أن تنجح عملية سياسية دونهم.[35]
9-     خلطتِ الفصائلُ الكردية الحسابات بشأن حلّ الأزمة السورية، بعد إعلانها من جانب واحد إنشاء فدرالية شمال سوريا، خاصة أنَّ الخطوةَ تزامنت مع مفاوضاتِ السلام التي تجري في جنيف بين الحكومة السورية والمُعَارَضَة برعاية الأمم المتحدة[36]. وهذا بلا شكٍّ خطوةٌ ذكيةٌ بحَيْثُ إذا ما دعيت إلى المشاركة في محادثات جنيف تكونُ قد حققت مشروعية التعامل معها محليًّا ودوليًّا.
10-  لعلَّ إعلانَ فدرالية شمال سوريا بمفهومها الجغرافيِّ وليس العرقي كان جوابًا على إشكاليةٍ طُرحتْ بأنّ أكثريةَ منطقة شمال سورية عربية، وفيها سريان وتركمان، وفيها مناطقُ عربية صافية، تقطع بين المناطق التي يدّعى أن أكثريتها كردية، ويحاولُ حزبُ الاتحاد الديمقراطي تأسيسَ فيدراليته، وتحديداً بين رأس العين وعفرين، وهذا ما يمنعُ تحقيقَ أيّ مشروع مستقلٍ ذي صبغة قومية واحدة،  لهذا ومن خلال إدراكهم لهذه الإشكالية كان إعلان فدرالية شمال سوريا جغرافيا وليس قوميًّا، وهذا ما سيسهل إعلان فدراليات جديدة في مناطق أخرى بالمفهوم الجغرافي نفسه.
11-  إنَّ مواقفَ القوى الإقليمية من التفاهمات الروسية والأمريكية حول الفدرالية لن يكون له تأثير كبير عليها، لكنها سترضخُ لها في النهاية مع السعي للتخفيف من آثار تطبيق هذه التفاهمات على مصالحها، ولنْ تلجأَ الأطرافُ الإقليميةُ لتفجير الصراع مرة أخرى لإفشال التفاهمات الروسية الأمريكية نظراً للكلف الواسعة نتيجة هذه الخطوة[37].وربما يتطوُّر الوضعُ إلى التقسيم الذي هو بنظرها أسوأ من الفدرالية.
12-  سيُمَكِّن الاختلافُ بين الدول الإقليمية فيما بينها حول الفدرالية القوى التي أعلنت فدرالية شمال سوريا الاستفادة من ذلك بشكلٍ كبيرٍ من حَيْثُ البقاء ووجود دعم مادي وسياسي لها. فالاتصالاتُ الإيرانيةُ التركيةُ الرافضةُ لمبدأ الفدرالية نظرًا لحساسية كلا الدولتين من تشكيل كيان كردي جديد في سوريا وأثره على تحركات الأكراد في كل من إيران وتركيا، بينما الموقفُ الأردني سيعتمد على طبيعةِ التقسيم ومدى حضور الأردن وتأثيره في قرار تطبيق الفدرالية، مما يجعلُ للأردن مصلحةً استراتيجيةً في المشاركة في سيناريوهات الفيدرالية وعدم القبول بأي تجاهل قد يفضي إلى الإضرار بمصالحه[38]. فالصراعُ والاختلافُ الإقليميُّ والدوليُّ حول إقامة الفدرالية في سوريا سيقويها في سوريا ويعزز من وجودها وسيحول دون مواجهتها وإلغائها بشكل مباشر.
13-  إنَّ الفدراليةَ كخطوة نحو التقسيم خرجت من نطاق الأفكار والتنظير والتحليل وباتتْ ترسم حدودها على الأرض ومن الخطأ الجسيمِ عدمُ رؤية ذلك أو عدمُ تصديق ما يرسم عمليًّا  حَيْثُ لا بدَّ من التفكير بواقعية بحدوثه، وما سيترتبُ عليه من تداعياتٍ وأخطار وكيفية التعامل مع أسوأ السيناريوهات التي ترتكز على التغيير الديموغرافي والجغرافي كما حدثَ في بداية القرن الماضي لكن هذه المرة سيكونُ أشدَّ قتامة لأن جميع عناصر التدمير الذاتي ستكون موجودة داخل المجتمعات المسلمة على أسس قومية ومذهبية وطائفية.
14-          كلُّ مَا يطرح من سيناريوهات التقسيم يُفْتَرض التعامل معها بجدية من جهةٍ ومن جهةٍ أخرى يجب البحث عن البدائل والخياراتُ التي تجعلُ الشعبَ السوري يقرر مصيره من جديد. فالواقعيةُ السياسيةُ تقتضي دراسةَ السيناريوهات المتوقعة لمستقبل سوريا وكيفية حل القضية السورية والعمل على أفضل السيناريوهات التي تخدم الشعب السوري وثورته من دون تفريط أو إفراط.  لذا من الضروري إدراكُ المتغيراتِ الميدانية والتطورات الإقليمية والدولية المتعلقة بسوريا والمنطقة لأن لها أهميتها الكبرى في تلمس معالم السيناريوهات الَّتِي تُرْسَم لحلِّ القضية السورية والتي يأتي في مقدمتها التقسيم، وإن كانتْ فدراليةُ شمالية سوريا هي البذرة والخطوة الأولى نحو ذلك.
15-  يهدفُ أكرادُ سوريا وحلفاؤهم الذين أعلنوا فدرالية شمال سوريا إلى استكمال مشروعهم في شمال سوريا خلال ستة أشهر مواصلين بذلك العمل في تنفيذِ الخطة رغم اعتراضاتِ دول إقليمية وتحفظات دولية ورفض محلي. وذلك في الوقت الذي تتعثر فيه المحادثاتُ الراميةُ لإنهاء الصراع الدائر في سوريا منذ خمس سنوات ولم يتبلورْ أيُّ حلٍّ سيتيحُ لهم إنجاز الخطوات اللاحقة لإتمام مشروع الفدرالية وسيدفع غيرهم من القوى العاملة على الأرض إلى تقليدهم واتخاذ خطوات مماثلة. وكلما تأخرَ حلُّ القضية السورية تكون مهددةً أكثر بإنشاء فدراليات أو الإعلان عنها بخاصة أن الكثير من المناطق هي فدراليات غير معلنة.

فدراليةُ شمال سوريا سيكتبُ التاريخُ أنها كانتْ أول فدرالية يُعلن عنها في سوريا نتيجةَ الثورة التي قامتْ فيها ضدَّ نظام بشار الأسد الذي فقد السيطرةَ على معظم الأرض السورية ووضعتِ السوريين أمام خيارين:- بعدما استحالة أن تكون موحدة -  الفدرالية أو التقسيم. لهذا جاءتْ خطوةُ إعلان فدرالية شمال سوريا استباقية، وهي مقدمةٌ لخطوة التقسيم اللاحقة التي ستقومُ نتيجةَ صراعات دموية محلية تعكس صراعَ وتنافسَ الدول الإقليمية والدولة على السوريا والمنطقة.
باختصار يمكن القول: إنَّ فدراليةَ شمال سوريا أصبحتْ واقعًا على الأرض، ويعملُ القائمون بها على إتمامِ الخطوات اللاحقة لبنائها وتنظيمها، بمعزلٍ عن كل اعتراض عليها، وبعيدًا عما يجري في جنيف من محادثات التي لم يدعوا إليها،  كما هم بعيدون عن الحراك الثوري في سوريا فلم يكونوا إلى جانبِ الفصائل العسكرية ضدَّ النِّظَام بقدر ما كانوا إلى جانب النِّظَام وركَّزُوا فقط على التوسع في السيطرة على الأراضي التي تخدمُ مشروعَ الفدرالية التي يسيطرُ عليها تنظيمُ الدولة ضمن مؤازرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.




[1] - حُلم الفدرالية الكردي تنقضه وقائع الجغرافيا في سورية وديمغرافيتها، المركز العربي للدراسات، 30/3/2016. http://goo.gl/Fnnb6V
[2] - فيديرالية الكرد في سوريا الحلم الذي يتحقّق: زانا عمر، صحيفة النهار اللبنانية، 30/3/2016، http://www.annahar.com/article/344358
[3] - يوجد في العالم حوالي الثلاثين دولة تسير بنظام الفدرالية على سبيل المثال في العالم العربي تمثل الإمارات العربية المتحدة نموذجا وهي مكونة من سبعة إمارات , الولايات المتحدة الأمريكية من خمسين ولاية , المكسيك 31 ولاية , الأرجنتين 23 ولاية ’ نيجيريا 36 ولاية , الهند 28 ولاية ...الخ (المرجع: الفدرالية في سوريا: نصري قمصية، دنيا الوطن، 28/3/2016 . http://goo.gl/hH2UBI)
[4] - الفدرالية:  https://ar.wikipedia.org/wiki.
[5] - مفهوم الدولة الفدرالية، جميل عودة، http://www.siironline.org/alabwab/maqalat&mohaderat
[6] - مفهوم الدولة الفدرالية: المرجع نفسه.
[7] - الفدرالية في سوريا: نصري قمصية، المرجع السابق.
[8] - فدرلة سوريا: المرجع السابق.
[9] - الفدرالية في سوريا: نصري قمصية، المرجع السابق.
[10] - حُلم الفدرالية الكردي: المرجع السابق.
[11] - الدولة الكردية المستحيلة: بوابة العين الإخبارية، http://www.al-ain.net/article/95406
[12] - الجزيرة نت: إجراءات كردية لإقامة فدرالية شمالي سوريا. http://www.aljazeera.net/news/arabic
[13] - “فدرلة” سوريا.. : المرجع السابق.
[14] - الدولة الكردية المستحيلة: المرجع السابق.
[15] - الفيديرالية، خطة روسيا لتقسيم سورية، غازي دحمان، جريدة الحياة، 9/3/2016. http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/14375132
[16] - فيديرالية الكرد في سوريا الحلم الذي يتحقّق: المرجع السابق.
[17] - فدرلة سوريا: المرجع السابق.
[18] - الدولة الكردية المستحيلة: المرجع السابق.
[19] - الفدرالية في سوريا: نصري قمصية، المرجع السابق.
[20] - “فدرلة” سوريا: المرجع السابق.
[21] - فدرلة سوريا: نفسه.
[24]- “فدرلة” سوريا.: المرجع السابق.
[25] - جريدة الرياض، 20/3/2016  http://www.alriyadh.com
[26] - فدرلة سوريا: المرجع السابق.
[27] - حركة الشباب الكرد ترفض "الفيدرالية" شمال سوريا، صحيفة صدى، 30/3/2016، http://www.sadda.co/Arabic/92212
[28] - أطراف سريانية تؤكد أن النظام الفدرالي هو ضمانة لحق السريان في سوريا، 30/3/2016، وكالة ARA News، http://aranews.org/20 16/03.
[29] - العربية نيوز حول مقابلة الأسد وكالة أنباء (سبوتنيك)30/ 3/2026 https://www.alarabyanews.com/190456
[30] - الدولة الكردية المستحيلة المرجع السابق.
[31] - الدولة الكردية المستحيلة: المرجع نفسه.
[32] - “فدرلة” سوريا.. خلط للأوراق وسعي روسي لحفظ ماء وجه النظام، عنب بلدي، http://www.enabbaladi.org/archives/67932
[33] - لغز الفدرالية في الشرق الأوسط: ترك برس، http://www.turkpress.co/node
[34] - حلم الفدرالية الكردي، المرجع السابق.
[35] - الأكراد يعلنون النظام الفدرالي، http://www.swissinfo.ch/ara/afp
[36] - نظام فدرالي شمال سوريا.. من المستفيد؟ الجزيرة نت، http://www.aljazeera.net/programs/behindthenews
[37] - المرجع نفسه.
[38] - المرجع نفسه.
المعرفة المواجهة

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »