الدستور
العربي!!
الدستور
كلمة طالما سمعها الإنسان العربي، ولكن جهلها في الواقع جهلاً تاماً، وكل الذي
يعرفه أن الدستور والنظام في البلاد العربية شيء واحد لا انفصام له، لأن النظام قد
فصّل الدستور بمقصه وسكينه وإن كان يحمل بصمات براءة اختراع أجنبية من الدول الذي
تسانده!.
فالتمييز
بين الدستور والنظام في البلاد العربية يصعب تخيله، لأنه من صنع النظام ذاته، لذا
فهو طيع لين بيد الصانع، ومن المستحيل أن ينقاد المصنوع للصانع ويخالف رغباته! بينما الدستور في النظم الحديثة
المعاصرة (التي تقلدها أنظمتنا بشكل مشوه) الكل ينقاد إلى الدستور لا العكس.
والسبب في ذلك أن الدستور وضع لبناء الدولة والمحافظة عليها والسعي نحو رقيها
وتقدمها، ويأتي النظام للقيام بتلك المهمة، فإذا عجز استبدل بآخر ليتابع البناء لا
الهدم والبناء من جديد.
فالدستور
وفق ما درسناه في جامعاتنا أنه قانون جامد غير مرن، وضع ليخضع النظام له في قيادة
الدولة. لكننا في واقع البلاد العربية لم نلمس ذلك أبداً، إذ من المعروف فيها أن
أول من يطأ الدستور وينقض بنوده وينتهكها النظام الذي كتبه، بحيث يضيف إليه ويعدل
فيه كيفما يشاء، وبشكل يتلاءم مع منحنيات جسده ليغطي العورة وجميع التشوهات
الخُلُقية والخَلْقية في جسده، ويرضي أذواق الأسياد في التبعية، من دون أن يكون
للشعب المحكوم به أدنى دور في ذلك. ولذلك يبقى الشعب بعيداً عن الدستور الملتصق
بالنظام الذي إذا ما أُسْقط أُسْقط الدستور معه، ليكون الشعب المسكين في حالة
انتظار دستور عربي جديد وفق تبعية جديدة!!.
فأي
دستور يسود في البلاد العربية؟ أما آن أن يكون هناك دستور يَحكم لا أن يُحكم مستمد
من الشريعة الإسلامية التي تنسجم مع هوية الشعب ومعتقداته وتصوراته وليس مستوردًا
مشوهًا لكي يشعر المواطن فيه أنه يعيش حقاً في دولة تخضع للقانون لا أن تخضع
للأشخاص الذين يحكمون القانون بأهوائهم ومصالحهم الشخصية، ومن ثم تتجرع الشعوب
ويلات ذلك؟ وهل يأتي الإصلاح إلا من خلال إصلاح الدستور أولا بما يتفق مع مصلحة
الأمة بحيث لا يجرؤ أي كان مهما علا منصبه في الدولة عليه؟.

الإبتساماتإخفاء الإبتسامات